•• لست طالب علم شرعي، ولا مفتياً في قضايا الدين، إنما لديَّ إيمان يقيني أن الحج بدون تصريح منقوص الأجر.. هذا الرأي قلته لصديقٍ نضجت على فرن محبته، في إحدى دوائر نقاشاتنا الفكرية الخلّابة بين الحين والآخر.. قلت له: إن النصوص الشرعية هي عكازي ومسندي استطيب منها آرائي وأقوالي وأفعالي، فاعتبرها صبحي الذي يطربني من كل أقفال الدنيا المتراكمة على البشر. •• هذا الحج غير النظامي بغيمته السوداء على ضفاف الموسم؛ شكَّل مادة سجال في المجالس اجتماعياً وثقافياً.. وهذا الحج المطعون في نظاميته، الخالي من كل شيء فيه «إيثار» منزوع الأجر كجرة فارغة تنكسر لا يتدفق منها شيء.. وهذا الحج الذي انقلبت فيه معايير «الذوق» وموازينها يعتلي فيه أصحابه ذوي الذكاء المحدود على كتف من حج نظامياً.. وذلك هو التنمر وحب الذات. •• الحاج الغارق في الفوضى غير المتجاوب مع الأنظمة لا يفعله سوى «الحمقى».. وبعض هؤلاء الفوضويين هم من المتعلمين الذين يتحفونا دائماً بمقولة «التعليم ينير الجماجم».. هؤلاء لا يخرج من جماجمهم إلا عواء ممدود يبعثر هدوء الموسم، مثل كفن تحت عفن.. أولئك النفر أموات الضمير والفكر، رديئو الحُسُن والسليقة، غارقون في حب ذواتهم، فتحولوا إلى ما يشبه هوس الحج السنوي. •• إنه «حج الضِرار» على وزن فِعال من الضُر.. يعود بنا إلى «مسجد الضِرار» الذي أنزل فيه الله تعالى (والذين اتخذوا مسجداً ضِراراً وكفراً) في الذين بنوا المسجد ليجتمعوا فيه ويطعنوا في الإسلام، حرقه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار.. و«الحج بلا تصريح» حج أناني، وفعل خجول، جاف، منزوع النظامية.. حج وجب إيقافه بقوة القانون لإحداثه الضرر على نظامية الحج وانسيابيته.