في المبنى الأزرق لمبنى الغرفة التجارية الصناعية بجدة، المقابل لزرقة بحر عروس البحر الأحمر، وفي أجواء مفعمة بالحب والوداد، وعلى أصوات «فناجين» القهوة السعودية، ومع رائحة «العودة» والهيل؛ يجلس رجال أعمال لرواية قصص نجاحهم.. يتحدثون بشفافية عن التحديات والحلول.. ويستمعون إلى الآراء والاقتراحات.. أجواء ساحرة يعيشونها في ذلك «المقعد» في بطن مبنى الغرفة.. لقاء يمزج بين أجواء تراثية محفورة في وجدان الأجيال، وأفكار حديثة يحملها أبناء الجيل الحالي. ظل «مقعد جدة» على مدار أعوام طويلة يحكي القصص المُلهمة للمبدعين؛ مسؤولين وتجار ورواد أعمال ثم انقطع لفترة زمنية.. عاد «المقعد» ليزاول نشاطه مجدداً بفكر جديد بجهود مجلس إدارة الغرفة وعناية رئيسها محمد يوسف ناغي.. تحول إلى منصة لتبادل وجهات النظر والرأي والرأي الآخر.. استطاع أن يستشرف آفاق مستقبل الأعمال ويتلمس احتياجاته.. وأجاد في وضع توصيات وحلول لتحقيق الأهداف والغايات الاقتصادية. يعيد «المقعد» صورة الملتقى الثقافي الأدبي الفني الاستثنائي للحارة القديمة (المركاز) الذي كان يبث فيه أهالي الحارة شجونهم ويسردون مكنونات أنفسهم.. ذلك المركاز القديم الذي يأخذ موقعه في كل حارة؛ كانت الكراسي المنسوجة من الخوص التي يجلس عليها أهل الحارة تتراقص وقت العصرية، والمناضد المعدنية أو الخشبية البسيطة (الطاولات) التي يضع عليها «براريد» الشاي و«الفناجين» تتوكأ أمام تلك الكراسي ومن يجلس عليها. يسعى «مقعد» غرفة جدة بفكرته التراثية إلى إعادة الألفة بين المسؤولين في كل القطاعات وأصحاب الأعمال ورواده، من خلال تلمس احتياجاتهم والربط بينهم في جو بديع، يتحدث الكل بطلاقة وحرية بعيداً عن الرسميات حتى يصلوا في النهاية إلى توصيات تساهم في صدور قرارات مهمة تصب في مصلحة المجتمع الاقتصادي. أخيراً.. أتمنى أن يصبح «المقعد» تقليداً جداوياً ينتظره أهالي جدة شهرياً، وأن يجعل منه منصة لإطلاق المبادرات والمشاريع الاقتصادية، وأن يجمع ذوي الخبرات الاقتصادية العريضة ليمنحوا خبراتهم وتجاربهم لرواد الأعمال، وأن يستضاف رجال أعمال ورؤساء وأمناء الغرف التجارية بمناطق المملكة ومحافظاتها.