لم يكن المواطن «مبارك» يتوقع أن فرحة العمر بشراء فيلا في أبحر شمال جدة ستتحول إلى متاعب، بعد أن أنهى سداد كامل الأقساط لبنك محلي، إذ تحول بيت العمر إلى منزل غير صالح للاستخدام بسبب ظهور عيوب هندسية جسيمة، فلجأ إلى القضاء ورفع دعوى ضد البنك والشركة التي ابتاع منها العقار، وحصل على حكم نهائي يقضي بإلزام البنك بإعادة المبلغ الذي دفعه بالتقسيط، المقدر بمليون و900 ألف ريال، وإعادة الفيلا للبنك. وصادقت محكمة الاستئناف على الحكم وبات نهائياً واجب التنفيذ. وبحسب التفاصيل، التي تابعتها «عكاظ»، قضت المحكمة العامة في جدة، بإلزام البنك بإعادة مبلغ 1.9 مليون ريال للمواطن، الذي تملك فيلا عن طريق التقسيط التمويلي، وبعد أن انتهى من السداد ونقل الملكية تبين أن الفيلا بها عيوب هندسية، وتشققات في الجدران، وهبوط في الأسقف، وحصل على تقرير هندسي يوصي على الفور بهدمها وإزالتها. وطبقاً للوقائع في صك الحكم، حرر المواطن مبارك دعواه أمام المحكمة ضد البنك والشركة العقارية المالكة للعقار، وقال في دعواه: «قبل عدة سنوات اشتريت فيلا في أبحر شمال جدة بواسطة البنك المدعى عليه من شركة عقارية مختصة ببناء المساكن بموجب صك، وحصلت على تمويل من البنك، وبعد سكني وأسرتي في الفيلا ظهرت عيوب هندسية، وتشققات في الجدران، وهبوط في الأسقف، وعرضت ذلك على مكتب هندسي مختص، فوجد أن البناء مخالف لخريطة الإنشاء، ويستوجب على الفور هدمها وإزالتها، وإثر ذلك تقدمت بهذه الدعوى لدى المحكمة العامة بمحافظة جدة، مرفقاً بها تقريراً هندسياً بواقع الفيلا». وأضاف المدعي في دعواه، أنه سدد كامل مبلغ الفيلا للبنك عن طريق الاستقطاع حتى آخر قسط، وتم إفراغ الفيلا باسمه وانتقلت ملكيتها له، وطالب بإلزام البنك بإعادة مليون و900 ألف ريال، دفعها للبنك لوجود عيوب في الفيلا واستحالة العيش بها. ممثل البنك: المشتري عاين العقار ممثل البنك رد على الدعوى بقوله: تقدم المواطن مبارك، إلى البنك بطلب تمويله لشراء عقار من اختياره، وتم إبرام عقد التمويل بصيغة المرابحة بمساهمة البنك معه بشراء العقار من البائع، ومن ثم قام بشراء حصة البنك عبر أقساط شهرية، وكان ذلك قبل 13 عاماً، واختار المشتري العقار محل التمويل وأقر بأنه عاين العقار قبل إبرام عقد التمويل وفقاً للعقد الموقع، كما أقر بأن العقار ملائم له وبحالة جيدة. وجرى إبرام العقد بين البنك والمشتري بناء على إقرار الأخير بأنه عاين العقار معاينة نافية للجهالة، وأن هذه المعاينة هي الباعث للتعاقد على تمويله. وأضاف ممثل البنك، أن عقد البيع من العقود اللازمة، واستلم المشتري العقار محل الدعوى منذ عدة سنوات، وهو من اختاره بعد معاينته والتحقق من سلامته، ونظراً إلى كونه أبرم العقد وهو بالحالة المعتبرة شرعاً وقبل بالعقار قبولاً معتبراً في الشريعة بعد أن فحصه فحصاً نافياً للجهالة وتم إبرام العقد بناء على ذلك، وحيث إن العقد شريعة المتعاقدين فإن البنك يطلب رد الدعوى، واحتياطياً فإن البنك يطلب إدخال الشركة العقارية البائعة في القضية بصفتها بائعة العقار. وفي جلسة أخرى، أكد المواطن في مذكرة للمحكمة وجود عيوب إنشائية في البناء، وأن تلك العيوب خفية لا تظهر بالمعاينة، والذي يثبت ذلك هو المكاتب الهندسية المختصة، وطلب إحالة الموضوع إلى قسم الخبراء في المحكمة لعرض العقار على مكتب هندسي مختص ليقدم تقريراً يوضح العيوب الإنشائية الفادحة التي أدت إلى تداعيات خطيرة في العقار تمنع الاستفادة منه والسكن فيه. المحكمة: فسخ العقد وإعادة المبلغ.. حالاً درست المحكمة القضية، واستمعت إلى جميع الأطراف، واطلعت على التقارير الهندسية الصادرة من مكاتب معتمدة، واطلعت على رأي الخبير الهندسي، الذي ندبته المحكمة للتحقق من حال العقار، وورد جوابه بأن العقار فيه عيوب إنشائية فادحة، أدت إلى هبوط المبنى بشكل متفاوت، وأوصى بإخلاء العقار وهدمه. وجاء في منطوق الحكم: بما أن المشتري متضرر من شراء العقار بهذه العيوب، وبما أن الضرر يُزال، فقد قررت المحكمة أولاً فسخ العقد المبرم بين المشتري والبنك، ثانياً: إلزام البنك حالاً بإعادة المبالغ التي سلمها له المشتري وقدرها مليون و900 ألف ريال، ثالثاً: إلزام البنك حالاً، بأن يسلم مبلغ أتعاب الخبير المندوب في هذه القضية وقدره 7 آلاف ريال، رابعاً: إلزام المشتري بإعادة العقار محل الدعوى للبنك، والتهميش على صكه بذلك حالاً. ومنحت المحكمة الأطراف حق الاعتراض. وفي وقت لاحق، صادقت محكمة الاستئناف على الحكم وذيلته بعبارة «يطلب من جميع الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى العمل على تنفيذ هذا الحكم بجميع الوسائل النظامية المتبعة ولو أدى إلى استعمال القوة الجبرية عن طريق الشرطة». وأكدت المحامية إيمان جاوه، والمحامية غزل كتبي، أن المحاكم العامة تنظر القضايا العقارية، وبينتا أن الضرر يُزال، ويستوجب التعويض وفقاً للقواعد القضائية، وأن إلزام البنك بإعادة المبلغ للمواطن المشتري يفتح آفاقاً وأبواباً واسعة لردع الغش في البناء في ما يتعلق بالفلل وشقق التمليك المباعة، التي يكتشف بها بعض المشترين في أحيان كثيرة عيوباً كبيرة ومخالفات في البناء. مطالبة برد الدعوى قررت المحكمة مخاطبة قسم الخبراء للوقوف على العقار محل الدعوى والتحقق من صحة دعوى المشتري من وجود عيوب توجب الفسخ، فورد تقرير من مكتب هندسي أكد وجود ملاحظات إنشائية فادحة، أدت إلى هبوط المبنى بشكل متفاوت، نظير عدم تنفيذ المخططات الإنشائية كما جاء بها المصمم الهندسي، وعدم تقيد مقاول المشروع بها، وبالتالي شكلت تهديداً على المبنى، ويصعب إجراء عمليات معالجة. وأوصى التقرير بإخلاء العقار وهدمه. إزاء ذلك، تمسك المشتري بطلبه فسخ العقد وإعادة العقار للبنك مقابل إعادة ما دفعه من أموال، في حين تمسك ممثل البنك بأن المشتري أقر بأنه عاين العقار قبل الشراء، وأنه بحالة جيدة وذلك قبل إبرام عقد التمويل، وأن إبرام العقد قائم على هذا الأساس. وأوضح البنك، أن المشتري فرط في اتخاذ هذه الخطوة التي يلزم أن تكون قبل إتمام عقد التمويل، وأن المفرط أولى بالخسارة. وختم ممثل البنك بقوله، إن المواطن هو من تقدم إلى البنك بطلب تمويله لشراء هذا العقار، وهو من اختاره، وتم على إثر ذلك إبرام عقد التمويل بصيغة المرابحة بمساهمة البنك مع المشتري بشراء العقار من البائع، وتم إنفاذ العقد وقتها، وتمسك بسلامة موقف البنك، مطالباً برد الدعوى. كما طالب احتياطياً بإدخال بائع العقار في الدعوى كونه من اتفق مع المشتري على شراء العقار، وجاء دور البنك لاحقاً لتمويله.