قضية التأمين على السيارات وأسعارها الجنونية هي قضية المجتمع هذه الأيام، فبعد إعلان المرور أنه سوف يبدأ برصد وجود تأمين على المركبات بداية من شهر أكتوبر القادم في جميع أنحاء المملكة، بعض المختصين يعتقدون أن أسعار التأمين سوف تتجه للانخفاض نتيجة هذا القرار من الجهات الرسمية، ولكنني أعتقد سوف ترتفع بشكل جنوني، أولاً هناك نسبة ليست بالقليلة من المركبات غير مؤمَّن عليها بالوقت الحاضر لأسباب متعددة، وقد يكون ارتفاع قيمة التأمين من أهم الأسباب في ذلك أو لأسباب تتعلق بمستوى الدخل أو الوعي بأهمية التأمين، الأكيد أن الأسعار سوف تحلق عالياً، وسوف تزيد المخالفات من قبل المرور على من لا يملكون تأميناً على سياراتهم. كنت أتمنى أن تكون عملية الرصد الآلي لجزئية التأمين على المركبات تتم بطريقة تدريجية تصاحبها حملة توعوية للمجتمع، إضافة إلى مراجعة الجهات المرجعية للتأمين؛ سواء من قبل البنك المركزي إذ كان لا يزال هو الجهة المنظمة لقطاع التأمين أو الانتظار حتى تكتمل وتؤسس هيئة التأمين التي صدر قرار رسمي بإنشائها مؤخراً. البعض يرى أن المرور بهذا القرار (الرصد الآلي من وجود تأمين من عدمه) سوف يساهم برفع أسعار التأمين أكثر مما هي مرتفعة أصلاً، وسوف يكون الضحية هم أصحاب المركبات غير المؤمَّنة حتى الآن. دول كثيرة لا يوجد فيها رصد آلي لمسألة تأمين السيارة، ولنفترض أننا برأنا بإعطاء مخالفات على عدم وجود تأمين، فكيف يكون الفارق الزمني بين المخالفة الأولى والمخالفة الأخرى؟ هل تكون بعد شهر أو أسبوع أو يوم أو حسب وجود الكاميرا في الطرق التي يسلكها السائق الذي لا يوجد تأمين على مركبته؟ في بعض الدول الأوربية مثلاً، ورغم تشددهم بمسألة التأمين على المركبات، لا يوجد عندهم مثل هذا الرصد، وتتم المساءلة على وثيقة تأمين المركبة عندما يتم إيقاف صاحب المركبة لأي سبب كان، فالشرطة في تلك الحال تطلب وثائق المركبة ورخصة القيادة ووثيقة التأمين، وإذا كان التأمين منتهياً أو غير موجود ممكن أن يتعرض للمحاكمة والسجن في حال كان هناك ضحايا لحادث مروري لصاحب المركبة غير المؤمَّن عليها. الأكيد أننا مع تنظيم سوق التأمين في كل حالاته، ومن ضمنها تأمين السيارات، حيث تشتكي شركات التأمين في السنوات الماضية من أنها تعرضت لخسائر كبيرة وإفلاس جراء كثرة الحوادث المرورية وارتفاع أسعار قطع الغيار وارتفاع أسعار مقدمي الخدمة؛ مثل الورش ووكالات السيارات وبعض حالات الاحتيال في الحوادث المرورية. ثقافة تأمين السيارات مهمة وضرورية للجميع، ويجب أن تكون حاضرة لدى الجميع في المجتمع، لكن نريد شيئاً من الضبط والعدالة لمسألة الأسعار ولا تُترك شركات التأمين دون حسيب أو رقيب، والأرقام لا تكذب، فالتأمين على المركبات عندنا هو الأغلى مثلاً مقارنة بدول الخليج المشابهة لنا في ظروف عدة.