يبدو أن المستهلك هو من يتحمل الزيادات في الأسعار في السوق المحلية مع غياب تام من قبل الجهات التي يفترض أنها تحمي المستهلك من هذه الارتفاعات الجنونية بالأسعار أو على الأقل شرحها وتبريرها من وزارة التجارة أو البنك المركزي السعودي في حالة الارتفاع الجنوني بأسعار التأمين على المركبات والتي قفزت في الآونة الأخيرة، يفترض أن إلزامية التأمين على المركبات تصب في صالح قطاع هذه الشركات وأن تكون ذات مراكز اقتصادية صلبة كما هو حال شركات التأمين وإعادة التأمين في العالم، فهذه الشركات نادراً ما تخسر أو تخرج من السوق، ومن عاش أو درس في الغرب على وجه الخصوص مر بتجربة التأمين على سيارته قديمة الصنع وقليلة القيمة وقيمة تأمينها تتناسب مع سعرها وليس العكس كما هو حادث لدينا الآن، فيمكن أن تجد سيارة قيمتها مثلاً بحدود خمسة آلاف ريال وتأمينها يساوي نصف قيمتها، إلا إذا كان الهدف من مثل هذا الارتفاع بأسعار التأمين وضع صعوبات وعراقيل لأصحاب الدخل المنخفض جداً من شراء مركبة والتأمين عليها وفي المستقبل يكون الحل أمام هذه الفئة استخدام المواصلات العامة من حافلات وشبكات انفاق، التي قد تبدأ العمل قريباً كما سمعنا من أحد المسؤولين مؤخراً. المتحدث باسم شركات التأمين عادل العيسي قال مبرراً الزيادة في أسعار التأمين على المركبات أنه يرجع ذلك بسبب زيادة الحوادث المرورية وزيادة أسعار قطع الغيار بصورة حادة، بالإضافة إلى زيادة التكاليف من مقدمي الخدمة مثل الورش والوكالات، مثل هذا الطرح يتناقض تماماً مع التصريحات الرسمية من المرور ولجان السلامة المرورية، التي تنشر إحصاءات عن الحوادث المرورية والوفيات والإصابات، التي تدل على انخفاضات واضحة بسبب استخدام التقنية في الحركة المرورية داخل المدن وعلى الطرق الرئيسية داخل المملكة، ما يعني أن هذا التبرير غير دقيق ومقنع. في أغلب دول العالم تكون المنافسة بين شركات التأمين في جميع المجالات على المركبات أو على الإنسان أو في المجال الطبي بتخفيض قيمة التأمين، عندنا المنافسة بالزيادة والمستهلك لا خيار لديه فهو ملزم بالتأمين على مركبته من الجهات الرسمية ولا يوجد خيار مناسب أمامه، ويبرر المتحدث باسم شركات التأمين بسبب آخر أعتقد أنه هو السبب الحقيقي وراء هذه الزيادة بأسعار تأمين المركبات وهو قضية الاحتيال بالحوادث المرورية التي قد تكلف شركات التأمين الملايين، ولكن في رأيي أن هذه الفئة قليلة وكأن الشركات وجدتها فرصة لزيادة الأسعار على الجميع، البعض من ضعاف النفوس قد يتعمد مثلاً حادثة مع سيارة أمامه أو خلفه أو أن يحرق مركبته متعمداً ومن ثم يقدم على شركة تأمينه ويحصل على مبالغ طائلة، ولكن هذه تظل أعداداً قليلة والقرار الأخير قد يقطع الطريق على مثل هذه الممارسات، التي يلزم صاحب المركبة بأحقيته إصلاح المركبة بالورشة بدلاً من نظام التقييم المعمول به سابقاً من أكثر من ورشة ومن ثم يحصل على مبلغ نقدي كبير من الشركة المؤمنة ومن ثم يصلح سيارته في ورشة بريع المبلغ وهذا بالأكيد يضرّ بشركات التأمين. يجب على البنك المركزي السعودي المشرع والمراقب لهذا القطاع أن يشجع شركات التأمين بالتفرقة بين بوليصة التأمين على المركبات الخالية من المخالفات والحوادث لسنوات طويلة، وأن تكون هناك تخفيضات تشجيعية على أسعارها جراء القيادة الحذرة والملتزمة بالأنظمة المرورية، ولا يساوي بين السائق الجيد والسائق السيئ والمحتال الذي يعاقب الجميع بسبب احتياله وتلاعبه.