قيل: «لا تعلِّق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب، فإن هذا الإرجاء لن يعود عليك بخير»، لأديب الدعوة «محمد الغزالي».. وأقول: لنعش حياتنا ونترك شيئاً من القِيَم للجيل القادم ليمتلكوا من بعدنا الدنيا، بجعل الميراث الأخلاقي قاعدة لتصرفاتنا وأعمالنا وإنتاجنا.. إذن؛ ما مفهوم الخُلُق وما أهيمته لتحقيق التوازن النفسي للأبناء؟، وكيف نجعل منه عوامل لضبط السلوك لبناء الشخصية السوية؟. •• •• •• حين يطفح على جلودنا ورمٌ اُكتنِز بالصديد؛ يتبدد مستقبل الجيل بما فعلته أيدينا اللينة، مثل باقة ورد تشيخ على مقبرة.. وعندما نعجز عن جني صرير الينابيع المتفجرة للقِيَم الخُلُقية؛ سوف تفرغ جُبُة أرواحنا وتسْبُت أعماقنا فنعيش صورة صارخة من الخداع.. أما من يتوضأ بماء المحامد ويستحم بينابيع الفضائل؛ يطل على العالم بنسمات لطيفة من المفاخر تلتصق بشغاف قلبه لتوقظ نفسه. •• •• •• بين من تتورم قدماه لهثاً وراء القِيَم، ومن يحني كتفه نحيباً على فقدها؛ ذابت أشياء ونبضت قلوب على نحو حميم.. وبين شيء من شِغاف القِيَم، وشيء من تورُّم الجفاف؛ ابتسامات متساقطة من فسحة السماء، أو دمع قلب تجدُب معه الأرواح.. وبين لوحة فاتنة من توارث القِيَم، وصفيحة غلاظة بحجم قمحة؛ إما إطار ممتع من النُعُومة، أو وقوف على درب أسود. •• •• •• في نسيج من المشاعر الغارقة بالقِيَم العميقة بالقرب من ساحة القلب؛ تأملٌ لصورة حنين عميقة تزيد من مساحة زمن السعادة.. فمن يقطع شوطاً للتهيؤ النفسي والالتزام بالخُلُق؛ امتلك ثراء ذاتياً، وبُعداً روحياً، وتعايشاً متجدداً، وقيمة اجتماعية، وحذاقة قلبية، ومنهجية علمية.. وذلك الذي يعتنق القِيَم ويؤمن بها ويوجه سلوكياته نحوها؛ تتشكل شخصيته ليتميز عن غيره بطاقات تحدد هويته وتدفعه للتجلية والبُرُوع. •• •• •• وعند كلام الشاعر (حمد العصيمي): «قُبِّحْت يا زمن الأقزام من زمن»؛ هناك من يرقد في رماد فقدان روضة تضمرها أكمامه.. وأولئك القادرون على إحداث تأثير على غيرهم، المُحتفِلون بالحياة الجميلة الخلاَّبة كما يجب أن تكون؛ مثل صخرة عنيدة على التفتيت.. فإذا لمعت الأنفس بالقِيَم كشمس ألقت بوميضها على الأكتاف؛ تضحك الأعين المجلجلة بالأنوار، فيعيش صاحبها ألف حياة في حياة واحدة.