وأستعير هذا العنوان من الرواية العالمية الشهيرة «الحب في زمن الكوليرا» للكاتب الكولومبي «غابرييل غارسيا». حيث الحب ينتصر لذاته على ظهر سفينة بعد أن تخلص العاشقان العجوزان من ركاب السفينة الواحد تلو الآخر بوهم وجود وباء الكوليرا على ظهر السفينة..!! ***** .. كورونا هي الأخرى من إحدى حسناتها أنها أيقظت فينا شُعل الحب الروحي والإنساني..!! ***** .. وللحقيقة، فمن رحم الأزمات والخوف تبرز الكثير من القيم الأخلاقية، وتتشكل مناخات إنسانية واجتماعية أكثر دفئاً وحميمية. وهذا ما فعلته بنا كورونا..!! ***** .. أول فعل لكورونا أنها حرَّرتنا من «الأنا» التي ضخَّمتها»الماديات»، وصنعت منا مسخاً (فوقياً) لا يرى له حدود أو أبعاد. .. كورونا.. هذا الكائن الذي لا يُرى بالعين المجردة، أعادنا إلى «كينونتنا» الطبيعية، الضعيفة، البسيطة، التي لا حول لها ولا قوة، رغم كل ذاك الهياط، والطاووسية الحمقاء التي طاولتنا عنان السماء. في عمق هذه «الكينونة» ينبت الحب والخير والتسامح...!!. ***** .. «كورونا» منحتنا سانحة العودة الى الحب الحقيقي، بعد أن تباعدنا عنه فكل هذا التبتل والخشوع والخضوع والدعاء والاستغفار هو ترجمان للحقيقة الإيمانية فينا وما نحتاجه هو مثل هذه السوانح للتجلية والتجلي حتى وإن كانت تحت ضغوط الخوف...!! ***** .. «كورونا» عززت فينا قيم الولاء والانتماء، زادتنا إدراكاً بمعنى كلمة وطن، تشاطَرْنا الحب والخوف له وعليه، وتحوَّل المكان من مجرد تراب الى حس رديف للروح والحياة، فهو نحن ونحن هو...!! ***** .. «كورونا» أعادتنا الى أن نكون منضبطين في تحركاتنا، في التزاماتنا، في أولوياتنا، في حقوقنا، في تعاملاتنا، بعد أن عشنا زمناً كنا نريد أن نستأثر بكل شئ، ونأخذ كل شئ، ونتجاوز في كل شئ، فتلوثت أيدينا وأقدامنا بالوصول غير المشروع وبالفساد. هنا نعود إلى النقاء والخلق القويم ....!! ***** .. « كورونا « أعادتنا إلى فهم حقيقة كبرى وهي أن البناء الجمعي الإسلامي أبجديته الأولى «البيت» الذي هجرناه فاختل توازن البناء وضعفت القوة، وهانت الأمة. العودة الى البيوت لها ملمح ديني وتربوي أصيل غير تلك الطقطقات من السفهاء الذين لم يعرفوا: (ما ولاهم عن قبلتهم)...؟!! ***** .. «كورونا» كشفت وجوه الظل في استغلال الأزمات، فتعرَّى لنا المختلون (دينياً ووطنياً)، وكشفت لنا وجوه الرماد التي تحاول أن تحدث فينا ثقوباً من الداخل. إنها دعوة إلى فهم.. ذواتنا وفهم «الآخر»..!! ***** .. والسؤال الأهم: كيف سنكون بعد كورونا..؟!.