أثار تمرد مجموعة «فاغنر» العسكرية ضد الجيش الروسي العديد من علامات الاستفهام، ودفع مراقبين وخبراء عسكريين إلى التساؤل عما إذا كان قائدها يفغيني بريغوجين، وهو الحليف للكرملين منذ فترة طويلة، فقد عقله، أم أن الصراع كان ذريعة لفرض الأحكام العرفية والتعبئة؟ أم أن روسيا باتت على شفا حرب أهلية؟ وكم تستغرق عملية القضاء على التمرد؟ هذه التساؤلات طرحتها صحيفة «ديلي بيست». الصحيفة الأمريكية نقلت عن خبراء روس إقرارهم بأنه لا توجد طريقة للإجابة عن هذه التساؤلات، خصوصا أن دوافع بريغوجين تبدو غير واضحة إلى حد بعيد، إلا أن خلفية الأحداث الحالية أكثر صعوبة للتنبؤ.ووفقاً للصحيفة، فإنه حتى الآن، وبعد الخروج من الظل والمطالبة بالفضل في القيام بالعمل نيابة عن الكرملين، يسيطر بريغوجين على شبكة واسعة من وسائل الإعلام، التي استخدم الكثير منها بوضوح لاستهداف أعدائه في وزارة الدفاع الروسية وتصوير نفسه باعتباره وطنياً مناهضاً للنخبوية، مصمماً على النضال من أجل حقوق المواطن الروسي. وتكهن محللون بسعي الرجل القادم من مطبخ الكرملين لزعامة مجموعة عسكرية إلى وضع الأساس لحملة سياسية، إلا أن بريغوجين دأب على نفي الأمر، لكن من بين النظريات الأخرى حول خروجه من الظل هو أنه يدرك أنه كلما زاد الدعم الذي يتمتع به، سيكون من الصعب على الكرملين التخلص منه عندما لا تعود هناك حاجة إليه. وقالت المحللة السياسية يكاترينا شولمان: طالما كان على خشبة المسرح، فسيكون من الصعب قتله.. فتسليط الأضواء عليه سيرفع من تكلفة مقتله. ولفتت إلى أن مؤسس فاغنر يتفاخر منذ فترة طويلة بعلاقاته الوثيقة مع الرئيس بوتين، حتى أنه استغل ذلك في عرضه لتجنيد السجناء، عندما قال في يوليو الماضي: «لدي سلطة خاصة من الرئيس، أنا بحاجة للفوز في هذه الحرب بأي ثمن». واتفق الخبراء على أن الكرملين سمح لبريغوجين أن يفعل ما يشاء طالما كان مفيداً للرئيس. ورأى آخرون، أن بوتين استخدم بريغوجين لمواكبة الجماعات القومية المتشددة التي دفعت منذ فترة طويلة نحو تكتيكات أكثر وحشية في الحرب. لكن أياً كانت الدوافع، يبدو أن التهم الموجهة إلى بريغوجين التي أُعلن عنها ليلة الجمعة تشكل إشارة حتى الآن على أن الكرملين بات مستعداً للتخلص منه. ويبدو أنهم يأملون في أن يصبح رئيس فاغنر ذكرى سابقة عما قريب، فقد حظرت شركات الإنترنت جميع منشورات بريغوجين على وسائل التواصل الاجتماعي داخل روسيا، بعد أن أمر الادعاء العام بحذفه من الإنترنت الروسي. ولا يستبعد مراقبون أن تكون نهاية بريغوجين قريباً بالسقوط من نافذة «عن طريق الخطأ» ما قد يوصف على الأرجح بأنها حادثة انتحار. ومع وجود التهم الجنائية الموجهة إليه، ثمة فرصة للزج به في السجن.