توجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت بخطاب إلى الأمة محذّرا من "التهديد القاتل" وخطر "حرب أهلية" اللذين يمثّلهما قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين بعد تمرده على القيادة الروسية. من جهته، قال حاكم منطقة فورونيج الواقعة في جنوبروسيا السبت إن الجيش الروسي يتخذ الإجراءات اللازمة من أجل التصدي لمحاولة مجموعة فاغنر إطاحة القيادة العسكرية. وأوضح الحاكم ألكسندر غوسيف في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي "في إطار عملية مكافحة الإرهاب في فورونيج تتخذ القوات الروسية الاستعدادات العملياتية والقتالية الضرورية". ولاحقا، أعلنت السلطات الروسية السبت أنها تحاول إخماد حريق كبير اندلع في مستودع للوقود في فورونيج. وفي أول تعليق له على الأحداث، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت إن التمرد المسلح الذي أطلقته مجموعة فاغنر دليل على ضعف روسيا وعدم الاستقرار السياسي فيها. وصرح في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي "ضعف روسيا واضح. ضعف واسع النطاق. وكلما أبقت روسيا قواتها ومرتزقتها على أرضنا، واجهت المزيد من الفوضى والألم والمشكلات لاحقا"، مؤكدا أن "أوكرانيا قادرة على حماية أوروبا من انتشار الشر والفوضى الروسيين". ووصف بوتين الذي تحدّث عند السابعة بتوقيت غرينتش تمرد مجموعة فاغنر بأنه "طعنة في الظهر"، متّهما بريغوجين ب"خيانة" روسيا تلبية "لطموحات شخصية". وقال الرئيس الروسي "إنها طعنة في ظهر بلدنا وشعبنا". وأضاف "ما نواجهه ليس إلا خيانة. خيانة سببها طموحات ومصالح شخصية" لبريغوجين مؤكدا أن المتمردين "سيعاقبون حتما". وصرح بريغوجين السبت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "أخطأ بشدة" باتهام مقاتليه "بالخيانة" مؤكدا أن قواته "لن تستسلم". وأكد في تسجيل صوتي أنه "في ما يتعلق 'بخيانة الوطن' أخطأ الرئيس بشدة. نحن وطنيون". وأضاف "لن يستسلم أحد بناء على طلب الرئيس أو الأجهزة الأمنية أو أي كان". وهذه المرة الأولى التي يهاجم فيها بريغوجين بوتين شخصيا. وفي وقت لاحق، تحدث بوتين إلى حليفيه البيلاروسي الرئيس ألكسندر لوكاشنكو والكازاخستاني قاسم-جومارت توكاييف. وفي السياق، دعا زعيما مجلسي البرلمان الروسي السبت إلى دعم الرئيس فلاديمير بوتين. وكتب رئيس مجلس النواب فياتشيسلاف فولودين على تلغرام "نواب مجلس الدوما ... يدعمون توحيد القوات ويؤكدون دعم القائد العام الرئيس فلاديمير بوتين". وبدورها، قالت رئيسة مجلس الشيوخ فالنتينا ماتفيينكو إن روسيا "قوتها في الوحدة ... وعدم تسامحنا التاريخي مع الخيانة والاستفزازات". بدورهم، أعرب المسؤولون المعيّنون في المناطق الأوكرانية المحتلة السبت عن دعمهم لبوتين. وقال قادة دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون في بيانات منفصلة نُشرت على تلغرام إن مناطقهم "مع الرئيس!". كذلك، دعا البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا وحليف الرئيس فلاديمير بوتين، السبت إلى "الوحدة" في مواجهة "محاولات زرع الفتنة". وفي وقت سابق السبت، أكد بريغوجين أنه دخل المقر العام لقيادة الجيش في مدينة روستوف الروسية، الذي يشكل مركزا أساسيا للهجوم الروسي على أوكرانيا، وسيطر على مواقع عسكرية من ضمنها مطار. وقال بريغوجين في مقطع فيديو نشر على تلغرام "إننا في المقر العام، إنها الساعة 7,30 صباحا" (4,30 ت غ)، مضيفا أن "المواقع العسكرية في روستوف تحت السيطرة بما فيها المطار" فيما كان رجال ببدلات عسكرية يسيرون خلفه. وعقب تصريحاته، أقر فلاديمير بوتين بأن الوضع في روستوف "صعب". وردا على هذا التمرد، أعلنت النيابة العامة الروسية فتح تحقيق في "تمرد مسلح" ضد المجموعة التي تضم 25 ألف رجل بحسب قائدها، بعد اتهام الجيش الروسي بقصف قواتها. وعززت السلطات الإجراءات الأمنية في موسكو حيث فرض "نظام عملية لمكافحة الإرهاب" كنتيجة مباشرة لتهديدات بريغوجين الذي قال في رسالة صوتية على تلغرام "سنذهب حتى النهاية وسندمر كل ما يعترض طريقنا". ومن الجانب الأوكراني، رأت كييف أن ما يحدث في روسيا هو "مجرد البداية". وقال المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على تويتر "إنها مجرد البداية في روسيا. الانقسام بين النخب واضح جدا. الادّعاء بأنه تمت تسوية كل شيء لن ينجح". مستعدون للموت وقال بريغوجين في رسالته "نحن جميعا على استعداد للموت، جميعنا ال25 ألفا... لأننا نموت من أجل الوطن، نموت من أجل الشعب الروسي الذي يجب تحريره من أولئك الذين يقصفون السكّان المدنيّين". خلال الليل، ذكر بريغوجين أنّه "دخل إلى روستوف"، وهي مدينة في جنوبروسيا غير بعيدة عن أوكرانيا، وأنّ عناصره لم يفتحوا النار باتجاه مُجنّدي الوحدة المنتشرين لعرقلة طريقه، وأنّ قوّاته أسقطت مروحية عسكرية روسية موضحا "الآن فتحت مروحيّة النار على رتل مدني، وقد أسقطتها وحدات فاغنر". ولم يقدم أي دليل على هذه التأكيدات التي لم تتمكن وكالة فرانس برس من تأكيد صحتها. من جهته، دعا حاكم منطقة روستوف السكان إلى "البقاء في منازلهم" كما أعلن حاكم ليبيتسك الواقعة على مسافة 420 كيلومترا جنوبموسكو "تعزيز الإجراءات الأمنية". وأظهرت صور على الشبكات الاجتماعية ومواقع إخبارية لم تستطع وكالة فرانس برس تأكيد صحتها، مركبات عسكرية تسير في المدينة قرب وزارة الدفاع وأخرى متوقفة أمام مجلس النواب، على مسافة عشرات الأمتار من الكرملين. تحقيق في تمرد وأبلغ المدعي العام الروسي إيغور كراسنوف الرئيس فلاديمير بوتين "بفتح تحقيق جنائي في تهمة محاولة تنظيم تمرد مسلح". وفي رسائل صوتية عدة بثها على مدار يوم الجمعة، أكد بريغوجين أن الضربات الروسية تسببت في مقتل "عدد كبير جدا من الضحايا" في صفوفه. وقال "لقد شنّوا ضربات، ضربات صاروخيّة، على معسكراتنا الخلفيّة. قُتل عدد هائل من مقاتلينا". وتوعّد ب"الردّ" على هذا القصف الذي أكّد أنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هو الذي أصدر الأمر بتنفيذه. لكن وزارة الدفاع الروسية ردت في بيان بأنّ "الرسائل ومقاطع الفيديو التي نشرها بريغوجين على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ضربات مفترضة 'شنّتها وزارة الدفاع الروسيّة على قواعد خلفيّة لمجموعة فاغنر'، لا تتّفق مع الواقع وتشكّل استفزازا". من جهتها، دعا جهاز الاستخبارات الروسي مقاتلي فاغنر إلى القبض على قائدهم. وحض الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين مقاتلي فاغنر على وضع حد لتمردهم. وتكشف هذه الحرب المفتوحة التوترات في صفوف القوات الروسية المشاركة في الحرب في أوكرانيا. وأضاف بريغوجين في تصريحاته أن "هيئة قيادة مجموعة فاغنر قرّرت أنّه ينبغي إيقاف أولئك الذين يتحمّلون المسؤوليّة العسكريّة في البلاد" داعيا الروس للانضمام إلى قواته أو عدم مقاومتها. مساعدة الشيطان في واشنطن، قال البيت الأبيض إنه يراقب الوضع من كثب. بدوره، قال الإليزيه السبت إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "يتابع الوضع من كثب. نواصل التركيز على دعم أوكرانيا". وفي ألمانيا، قال ناطق باسم الحكومة لوكالة فرانس برس "نتابع من كثب الأحداث في روسيا". وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه "يراقب الوضع من كثب" وأنه "على اتصال" بدول مجموعة السبع. بدورها، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني إن هذه الأحداث "تظهر كيف أن العدوان على أوكرانيا يتسبب أيضا في عدم الاستقرار في البلاد". من جهته، دعا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك جميع الأطراف إلى "التحلي بالمسؤولية" و"حماية المدنيين". ودعا المعارض الروسي في المنفى في لندن ورجل الأعمال ميخائيل خودوركوفسكي إلى دعم بريغوجين لمحاربة نظام فلاديمير بوتين. وكتب على تلغرام "نعم، حتى الشيطان يجب مساعدته إذا قرر معارضة هذا النظام!". فيما قال رمضان قديروف رئيس جمهورية الشيشان السبت إن قواته مستعدة لتقديم العون في إحباط تمرد يفجيني بريجوجن رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة ولاستخدام أساليب قاسية إن لزم الأمر. ووصف قديروف في بيان نشر على تيليغرام تحرك بريجوجن بأنه "طعنة في الظهر" وناشد الجنود الروس عدم الاستسلام لأي "استفزازات". وقال إن الوحدات الشيشانية تتحرك نحو "مناطق التوتر" وستعمل على "الحفاظ على الوحدات الروسية والدفاع عن الدولة الروسية". وقديروف حليف مقرب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي ينشر قوات عسكرية في الشيشان، وكان يُنظر إليه سابقا على أنه حليف لبريجوجن، إذ كان يتبنى بعضا من انتقادات رئيس فاغنر للقيادة العسكرية الروسية. لكن في الأسابيع القليلة الماضية، بدأ قادة شيشانيون متحالفون مع قديروف في انتقاد هجوم بريجوجن المتكرر على وزارة الدفاع. إلى ذلك قال الكرملين في بيان إن الرئيس الروسي أجرى اتصالا هاتفيا السبت بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي قال إنه يؤيد طريقة تعامل الحكومة الروسية مع تمرد مجموعة فاغنر العسكرية الخاصة.