في زمن قلما نشاهد فيه القدوة الحسنة وضعف فيه الوعي والحس بالمسؤولية أصبح اضطلاع الشخص بمهامه ومسؤولياته عبئاً كبيراً وهماً ثقيلاً عليه، ولعلي هنا أذكر للوزير القصيبي (رحمه الله) اختزاله معنى الرجولة في نهوض الشخص بمسؤولياته. الانضباط مفهوم كبير وشامل من حيث الأقوال والأفعال، والمواظبة مصطلح محدود للمداومة على أمر معين، وبحسب أهل اللغة المواظبة لازمة والانضباط متعدٍ، فالانضباط لا ينحصر في حضور وغياب، بينما المواظبة هي ذلك، وشمولية المصطلح تدعونا نقول إن الانضباط في حضور وغياب وخلق وتعامل ومسؤولية ونظام وملبس ومأكل ومشرب، وطالب العلم لا بد أن يكون منضبطاً في ذلك كله. وبالأمس القريب عشنا خلال شهر رمضان المبارك واقع الدراسة في رمضان وكيف حاولت جميع المؤسسات المعنية أن تحد من غياب الطلاب ولكنها لم تستطع وظهرت بين الحين والآخر كلمة حسم، وفي ضجيج شهر العبادة والصلاة والصيام كأن أحداً لم يسمعها يبدو لأنها كانت مصحوبة بدرجة أو درجتين. لائحة السلوك والمواظبة تلك العصا التي يحملها التربوي ليرغب أو يرهب الطلاب في سلوك معين أو يمنعهم منه لم تعد مجدية ولم تعد ذات أثر يحقق للمجتمع ما يصبو إليه وللمسؤول ما يهدف إليه، فأصبحت لازمة لدرجة أنها لا تتعدى ولا تؤثر على مستوى الطالب أو نسبته أو مستوى تحصيله فيغيب الطالب لمدة طويلة وينجح بامتياز وهذا يتنافى مع ذاك. لا يستحق الامتياز إلا ذلك الطالب المنضبط خلقاً وأدباً وسلوكاً وعلماً وحضوراً، وحتى نستطيع أن نحد من ظاهرة الغياب غير المبرر والذي يسبق أيام الإجازة وما بعدها ومواسم الحج ورمضان لابد أن ننتقل إلى لائحة الانضباط الدراسي والتي يدخل تحتها جميع ما تحدثت عنه مسبقاً ولا ينحصر انضباط أبنائنا في حضورهم أو غياب، وحتى لا يحصل على الدرجات العالية من حضر ومن غاب لا بد أن نعمل على لائحة تعطي طلابنا حقوقهم وفي نفس الوقت تمنع النجاح عمن لا يستحقه، وأن تكون هناك نسبة حضور وأخرى للغياب في كل مرحلة لا يستطيع أن يتجاوزها الطالب وإلا حرم من مادته في مدعاة لتربية أبنائنا على الالتزام بمسؤولياتهم وتحملها وانضباطهم الشامل في شتى نواحي حياتهم.