لم تشفع محاولات المعلمين وقائدي المدارس في الإبقاء على الطلاب في الأسبوع الميت الذي يسبق إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني (إجازة الربيع) التي بدأت منذ نهاية دوام أمس (الخميس). وظهرت فصول الكثير من مدارس العاصمة الرياض بيضاء «لا تسر الناظرين» إثر غياب غالبية الطلاب الذين وصلت نسبة غيابهم إلى 100% في بعض المدارس حسبما أكدت مصادر ل«عكاظ». وأكدت المصادر أن الآليات المشددة التي تم تعميمها والتحذير من تداعياتها على الطلاب والطالبات لم تؤت ثمارها، «وكان الغياب شبه جماعي خصوصا في اليوم الأخير من الأسبوع»، لافتين إلى أن الغياب بدأ مع مطلع الأسبوع بنسبة لا تقل عن 25%، ثم تدرج وصولا إلى النسبة القصوى. ورصدت «عكاظ» فصولا خاوية على مدار الثلاثة أيام الماضية، بالرغم من حرص عدد من المدارس على تنظيم أنشطة ترفيهية واختبارات دورية في الأسبوع الميت، لكن هذا الإجراء لم يحد من تخفيض نسبة الغياب والتي كانت بارزة في المدارس الثانوية للبنين، فيما لم تصل إلى حدها الأعلى في المرحلتين المتوسطة والابتدائية إلا في اليوم الأخير من الأسبوع الماضي. وما لفت النظر أن إدارات المدارس سارعت بتحميل أولياء الأمور المسؤولية في ظاهرة الغياب، لأنهم لا يحفزونهم على الحضور والانضباط، والدليل - حسب مصادر في المدارس - استمرار خطة التدريس دون أي تعديل أو تغيير. لكن بعض أولياء الأمور الذين التقتهم «عكاظ» أمس التزموا بتوصيل أبنائهم إلى المدارس في اليوم الأخير الذي يسبق الإجازة، إلا أنهم تحسروا على عدم تغييبهم (حسب قولهم) «فلا حصص منتظمة ولا أنشطة تحفز على الحضور، بل هناك مدارس يغيب فيها الكثير من المعلمين والمعلمات، فكيف يريدون الطلاب والطالبات أن يلتزموا وهم لا يلتزمون». إلا أن عددا من قائدي المدارس أكدوا ل«عكاظ» أن اليوم الدراسي نظم بشكل اعتيادي، خصوصا أن جميع المعلمين التزموا بالحضور، وتوعدوا بأنه «لن يعاد شرح الدروس للطلاب المتغيبين، والمسؤولية يتحملها ولي الأمر الذي كان عليه إلزام أبنائه بالحضور، وتعزيز ثقافة الالتزام لديهم واحترام الدوام المدرسي». وتعترف معلمة ثانوية (فضلت عدم نشر اسمها) أن نسبة الحضور في مدرستها لم تتعد 40% بين الطالبات، ووصلت أقصاها أمس «وإدارات المدارس تقف عاجزة أمام ظاهرة غياب الطلبة قبل أي إجازة أو مناسبة رسمية». ويتخوف التربوي محمد التميمي من تحول الغياب في الأسبوع الأخير الذي يسبق الإجازة إلى ثقافة مجتمع «ومن الصعوبة تغيير هذه الثقافة بين الطلاب وأولياء أمورهم بسرعة بل يجب أن ندرس ذلك جيدا وأن ننزل إلى الميدان بعيدا عن التنظير وكذلك إشراك الموجودين في الميدان من معلمين وأولياء أمور وطلاب لمعرفة الحلول الناجحة، وعدا ذلك فليس هناك لحل لهذه المشكلة، ومن جهتنا نخبر أولياء أمور الطلاب بأن على الطلاب الحضور إلى المدرسة وعدم الغياب». الوزارة للإدارات: ارفعوا لنا تقارير الغياب على الرغم من تفعيل وزارة التعليم خاصية إدخال نسب الغياب يوميا عبر نظام نور إلا أنها لم تعلن أرقاما رسمية دقيقة ومفصلة حول نسب حضور الطلاب وغيابهم قبل وبعد كل إجازة مما يساهم في وضع الخطط الكفيلة بالقضاء على الظاهرة (حسبما يؤكد تربويون). وعلمت «عكاظ» أن وزارة التعليم طلبت من الإدارات التعليمية حصر أعداد الطلبة المتغيبين، ورفع تقارير تفصيلية للوقوف على المعدلات الرسمية واتخاذ اللازم، كما شددت على أهمية انضباط الطلاب وحضورهم في أيام الدوام الرسمي مشيرة إلى أن المدارس مطالبة بتطبيق ما ورد في لائحة الغياب على الطلاب والطالبات الذين يتغيبون في يومي الأربعاء والخميس. وأكد مصدر مطلع في وزارة التعليم ل«عكاظ » أهمية الالتزام بمواعيد الإجازة الحالية المحددة سلفا وفقا للتقويم الدراسي ولنظام وزارة الخدمة المدنية. وكان وزير التعليم طالب باتخاذ الإجراءات التربوية التي تكفل معالجة غياب الطلبة في الأيام بشكل عام، وازدياده في الأيام التي تسبق أو تعقب الإجازات، مشددا على ضرورة تفعيل لائحة السلوك. وأكد حول أهمية التركيز على المواظبة والتواصل مع أولياء أمور الطلبة رسميا للحد من الغياب، وربط الغياب بدرجات المشاركة للطلاب بحيث يؤثر في نتيجة الطلاب غير المنضبطين في المواد الدراسية، ويؤدي إلى حرمانهم من الاختبارات. وأشار إلى تضمين انضباطية الطلاب في تقويم الأداء للمعلمين ومديري المدارس، مطالبا في الوقت نفسه بتفعيل استخدام التقنية في المدارس،. باحث اجتماعي: البيئة المدرسية طاردة للإبداع دعا الباحث الاجتماعي ورئيس قسم الإرشاد والتوجيه في تعليم صبيا سابقا الدكتور محمد علي أبوطالب إلى العمل على دراسة أسباب ظاهرة الغياب، والتي يعزوها - حسب رأيه - إلى بيئة المدرسة التي تعتبر البيئة الجامدة والطاردة للإبداع. وقال ل«عكاظ»: الغياب قبل الإجازات ظاهرة تستحق الدراسة من قبل الوزارة وهذا الغياب يعود لأسباب منها: إدارة المدرسة، الإدارة تحتاج إلى شخص يتسم بالشخصية القيادية، تطبيق النظام بحق الطالب الغائب، بعض الإدارات المدرسية هي السبب المباشر في غياب الطلاب إما بالتصريح أو بالتلميح، بعض المدارس قبل الإجازات تتوقف عن إعطاء الطلاب دروسا جديدة، المعلم فقد هيبته مما جعله يتقاعس عن التدريس، المحسوبية في تعيين المديرين والوكلاء والمرشدين، عدم وجود آلية في تصنيف المعلمين حسب المؤهل والخبرة. ونوه أن الحلول موجودة وهو بجعل الأسبوع الأول والأخير من كل فصل وأسبوع ما قبل الاختبار أسبوعا للمناهج اللاصفية كالرياضة واكتشاف المواهب، وهذا الأمر سيجد حرصا منقطع النظير على المدرسة.