أحد عملائي أخبرني أن أحد أقاربه من الدرجة الأولى كان يقول له عندما يحصل بينهما سوء فهم أنت مثير للشفقة، وقد كان وقعها شديداً عليه، لدرجة الحزن والبكاء وملازمة البيت، وقد كان يتساءل حينما يختلي بنفسه أحقاً أنا مدعاة للشفقة؟ ولِمَ؟. لقد كانت تخالجه تلك التساؤلات، وكأنها بركان سينفجر يوماً غضباً ويسحق من حوله، حتى التقى بأحد أصدقائه وأخبره عن ذلك، وكان من بين التوجيهات التي أدلى بها ذلك الصديق، ألا تدع تلك الجملة تتوغل لسبر أغوار فؤادك الجميل فتحطمه؛ فيكفيك فخراً بأنك ما زلت طيب المعشر معه بالرغم من أذيته لك، فهذه دلالة على حسن تربيتك، ثم إياك أن تدع الشك يدق ناقوس عقلك بأنك بالفعل مدعاة للشفقة، فليس كل ما يقال عنا هو كذلك، فلتطمئن يا صديقي. ثم أردف عميلي قائلًا: فما لبثت غير ساعة حتى أرسلت إلى ذلك القريب رسالة عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي؛ كي أخبره بأنني بخير وأنه يحتاج إلى مختص نفسي ليساعده على تعديل سلوكياته العدائية، وأنني متكفل بجميع نفقات الجلسات، وأن هذا السلوك العدواني لابد من تغييره؛ حتى لا ينفر الآخرون منه. وقد كنت بالفعل مشفقاً على حاله أريد مساعدته لمصلحته، بيد أنه لم يبادلني شعور الأخوة فقد قام بالإساءة إليّ كتابياً عبر ذلك البرنامج ومن ثم الحظر، وأنا هنا أريد مساعدته حقاً لأنه شخص طيب القلب؛ لكنه عدائي عندما يكون بينه وبين شخص آخر اختلاف في وجهات النظر.. فتبسّمت وقلت له: أخلاقك محمدية شكراً لمكنونك الجميل. نقلت هذه القصة بعد أخذ موافقة صاحبها؛ وذلك لحاجة في نفس يعقوب، ألا وهي تبسيط مفهوم «الاعتبارات الذوقية»؛ فعلى الرغم من أن هذا المفهوم لاقى رواجاً كبيراً واستحساناً لدى البعض، إلا أنه مازال لدى البعض الآخر في حيز الفلسفة.