«رمضان والمنصة».. كلمتان تداولتهما الألسن بكثافة خلال الأسبوع الماضي، ومع اقتراب الشهر الفضيل رمضان المبارك، زادت الاستفهامات والأمنيات حول إمكانية تحول المدارس عن بعد، ويعزز المنادون بهذا المطلب نداءاتهم بأسباب عدة تبدو بعضها منطقية، واللافت أن النداء ينطلق من جانب عاملين في الحقل التربوي، فيما تلوذ وزارة التعليم بالصمت وفضلت عدم التعليق ربما في انتظار ما تسفر عنه النداءات. ويرى تربويون مع استهلال وانطلاقة الفصل الدراسي الثالث ضرورة التحول من فصول المدارس إلى منصة مدرستي، ومبررهم في ذلك أن الدراسة في رمضان ستكون واقعاً ملموساً خلال السنوات القادمة، علاوة على توقعات الطقس وتنبؤات الراصدين أن رمضان سيشهد هطول أمطار من متوسطة إلى غزيرة على غالبية مناطق ومحافظات المملكة، ما يستدعي التحول من الفصول إلى الواقع الإلكتروني عن بعد. وبحسب فهد مسفر العتيبي وحميد أحمد الصبحي ومعيض جندب الثقفي وفهد هادي، الذين تحدثوا ل«عكاظ»، فإن تحويل الدراسة عن طريق التعليم عن بعد سيكون من العوامل المهمة التي تعزز علاقة الطالب بالتقنية التعليمية الجديدة خصوصاً مع التجربة السابقة خلال جائحة كورونا، التي شكلت نجاحاً لافتاً في كافة مراحل التعليم. ويرى التربويون أن «الدراسة تعد مرهقة نوعاً ما؛ نظراً للعادات والتقاليد الاجتماعية خلال ليالي رمضان والطقوس المصاحبة لها». راحة للطرفين تحويل الدراسة عن طريق المنصة يسهم في راحة ورضى الجميع وكل الأطراف، المدرسة والأسرة والمحيط الإداري، لا سيما أن الدراسة «البعيدة» تبدأ في الواحدة ظهراً وتستمر حتى الخامسة عصراً، ويرى المتحدثون ل«عكاظ» أن فارقاً زمنياً كهذا يمكّن ربات البيوت من متابعة أعمال المنصة مع أبنائهن وبناتهن بكل يسر وسهولة، وفي الوقت نفسه يمكّنهن من القيام بالأعباء الأسرية والتزامات اليوم الرمضاني بارتياح دون متاعب أو ضغوط. ومن ثمرات الدراسة عن بعد في هذا الشهر، القضاء نهائياً على الغياب اليومي للطلاب والطالبات في الدراسة الحضورية، كما أن التعليم عبر المنصة يخفف من الازدحام المروري في أيام الشهرالفضيل. ويؤكد التربويون أن طلاب وطالبات المملكة أظهروا تميزاً كبيراً في نظام التعليم عن بعد خلال جائحة فايروس كورونا وأبدوا تفاعلاً متميزاً مع معلميهم ومعلماتهم على الرغم من حداثة التجربة. معالجة قلة ساعات النوم الأخصائي الاجتماعي جابر محمد الفاهمي، قال: إن من أبرز العوامل الاجتماعية والأسباب في فرضية أن تكون الدراسة «عن بعد» خلال رمضان المبارك هي: تعزيز الاستقرار الاجتماعي للأسر السعودية، خصوصاً إذا كانت ربة المنزل معلمة أو طالبة، ما يمكنها من تلبية احتياجات أفراد الأسرة في تجهيز وجبة الإفطار على أكمل وجه، والمرونة في إدارة الوقت للأسرة، وتخفيف الضغط على العائلة والطلاب على حد سواء، فضلاً عن أن قلة ساعات النوم تؤثر سلباً على تحصيل الطالب علمياً؛ نظراً لطبيعة ليالي رمضان علاوة على أن الدراسة عن بعد تقلل من الازدحام المروري الذي تشهده عدد من مدن ومحافظات السعودية. ويعزز الفاهمي، رأيه بالقول إن التعامل مع التقنية الحديثة في مجال التعليم أضحى مطلباً أساسياً لدى الجيل الجديد خصوصا في مراحل التعليم العام، مشيراً إلى أهمية تعزيز هذه العلاقة ما بين طلاب التعليم والتقنية والاستفادة من الظروف الخاصة بالشهر الفضيل لأن تكون الدراسة فيه عبر المنصة الإلكترونية، فالدراسة عبر المنصة حققت فوائدها في الأيام التي تم تعليق الدراسة فيها في بعض مناطق ومحافظات المملكة خلال موسم الأمطار لهذا العام. الآباء يتضامنون على النسق ذاته، يؤيد الآباء وأولياء الأمور دعوات «منصة رمضان» التي أطلقها بعض التربويين، وقالوا إنها ستخفف كثيراً من الأعباء الثقيلة التي ترهق كاهلهم في الشهر الكريم، منها التوفيق بين إيصال أبنائهم وبناتهم إلى مدارسهم ذهاباً وإياباً ثم العودة إلى مقار أعمالهم خصوصاً أن الدوام في المدارس وكافة قطاعات الدولة يبدأ في العاشرة صباحاً، مشيرين إلى أن ظروف رمضان وما يصاحبه من عادات اجتماعية تتطلب أن تكون هناك مرونة في ما يتعلق باستخدام المنصة الإلكترونية لتكون بديلًا عن الدوام الحضوري في المدارس. ويأمل علي أحمد الزهراني وعبدالله هادي العتيبي وفهد السواط ومحمد بن خشيم عوض الله، من وزارة التعليم، تجربة الدوام عبر المنصة خلال هذا العام، وتوثيق العلاقة ما بين الطلاب والطالبات مع التقنية الحديثة بعد التجارب الناجحة خلال جائحة كورونا التي أثبتت قدرة طلاب وطالبات المملكة بكافة مراحل التعليم العام على التعامل مع هذه التقنية الجديدة، مشيرين إلى أن مثل هذه الخطوة تساعد المعلمات تحديداً على التوفيق ما بين عملهن التربوي والتعليمي وأعمالهن المنزلية. وفي رأي نورة العتيبي، أن المنصة الإلكترونية ساهمت طوال جائحة كورونا في تقديم كافة الخدمات التعليمية والاختبارات للطلاب والطالبات في المدارس والجامعات والكليات، ما يعني قدرتها على تقديم تلك الخدمة في رمضان، والذي لا تتجاوز الدراسة فيه 16يوماً، وستساهم المنصة في تخفيف الضغط على الأسر والطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس. قيادي تعليمي سابق يؤيد مدير إدارة التوجيه والإرشاد السابق بتعليم منطقة مكةالمكرمة خالد الغامدي، وصف مقترح تحويل الدراسة عن طريق المنصة في رمضان من الأمور الإيجابية التي سوف تصب في مصلحة الأسر ومصلحة الطلاب والطالبات، مشيراً إلى أن الطلاب أصبحت لديهم مهارات في التعلم عن بعد، وأصبحوا يحصلون على دورات في الوقت الحاضر عن طريق نظام التعليم عن بعد في عدد من المجالات. وتابع الغامدي قائلاً: من وجهة نظري أن الدراسة عن بعد لها مميزات كبيرة؛ منها على سبيل المثال لا الحصر تقليل الجهد على المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات والأسر، كما تمنح الطلاب والطالبات فسحة في تنظيم الوقت وتنظيم النوم خلال أيام وليالي الشهر، فالدراسة عبر المنصة يجب أن تكون بديلاً حاضراً في أي وقت نحتاجها. وأبان الغامدي، أن موسم رمضان أفضل وقت يتم فيه تفعيل المنصة الإلكترونية واستفادة أبنائنا الطلاب، مشيراً إلى أنه في حال تمت الدراسة عبر المنصة سيكون لها الأثر الإيجابي على مستوى المدرسة والأسرة والمجتمع بشكل عام. «التعليم» لا تجيب «عكاظ» تواصلت مع متحدثة وزارة التعليم ابتسام الشهري، لمعرفة توجه الوزارة للدراسة في رمضان المبارك، ولكن لم يتم الرد حتى إعداد التقرير.