اجتازت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية مطلع الفصل الدراسي الأول لهذا العام 1442ه منعطفاً صعباً كانت تبعات فيروس كورونا المستجد( كوفيد – 19) قد ألقت بظلالها على كل مفاصل الحياة ومنها التعليم، إلا أن الوزارة وبجهود رجالاتها مسؤولين ومعلمين ومعلمات وبخطواتها العملية السريعة قد استثمرت كل تلك التعقيدات وذلك القلق الذي كان ينتاب العالم برمته لتحول ذلك القلق إلى فرصة ومن ثم إلى استراتيجية مستقبلية، فتعاطت بمهنية عالية وفق أرقى السبل والنظم التعليمية فنجحت في حماية أرواح أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة، وصولاً إلى تغير الملمح العام ومنهجية التعليم، وبات المجتمع برمته يقف خلف وزارته، بل فخور بما صنعته من عمل حولت معه التعليم من التقليدي إلى الإلكتروني عبر "منصة مدرستي"، بل بات على قناعة تامة بمدى أهميتها وكونها صورة من ملامح المستقبل المتطور، وباتت (مدرستي) ومكوناتها وتفاصيلها الأكثر تداولاً سواءً في وسائل التواصل الاجتماعي أو حديث مجتمع الأمهات والآباء! "الرياض" ترصد هنا أبرز مقومات نجاح هذه المنصة لنعضّد بذلك جهود وزارة التعليم وفريقها، وفي الوقت ذاته نستمع لما يراه البعض جوانب فنية ومهنية بحاجة للتطوير، وهذا بالطبع يسرّ القائمين على المنصة ليعززوا من قيمتها ومكانتها التي تنعكس إيجاباً على أبنائنا ومن خلفهم المجتمع برمته. كوادر سعودية تواجه التحديات وصفت ابتسام الشهري المتحدث الرسمي باسم التعليم العام في تصريح ل"الرياض" منصة مدرستي بالمشروع الوطني، الذي تتكامل فيه جهود منسوبي التعليم والأسرة؛ لتجويد مخرجات التعليم، والمحافظة على استمرار العملية التعليمية دون توقف، مضيفة بأن الوزارة استطاعت وبطواقم عمل سعودية من التعامل مع تحديات المرحلة، والوصول إلى أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة عبر المنصة، ووصلت عدد الزيارات للمنصة ما يقارب نصف مليار مما يمثل الالتزام والجدية لكافة المستخدمين وأن الأهداف التي صممت من أجلها المنصة تحققت، وهذا يعكس الفائدة العظيمة والحاجة الكبيرة لمثل هذه المنصة النوعية لا سيما مع ظروف الجائحة والتحول للتعلم عن بعد بالكامل، وقدّمت المنصة أكثر من 86 مليون درس افتراضي منذ بداية الفصل الدراسي حتى نهاية الأسبوع السادس عشر، يتفاعل من خلالها ما يقارب 500 ألف معلم ومعلمة مع الطلاب والمحتوى الرقمي لتحقيق نواتج التعلم، وأدوات التواصل مع المعلمين، والتي سجلت أكثر من 10 ملايين استفسار أجاب عنها المعلمون والمعلمات، كذلك أداة الواجبات والأنشطة الإلكترونية، حيث تم من خلالها إرسال أكثر من 15 مليون مهمة أدائية للطلاب، إضافة لهذا شهدت المنصة تفاعلاً كبيراً من أولياء الأمور الذين تابعوا أبنائهم طوال الفصل الدراسي وأبدوا تعاوناً مثالياً مع المدرسة. منصة مدرستي مكنت المعلمين والمعلمات وربطت أهم عناصر العملية التعليمية الطالب والمعلم والمحتوى، والبيانات وتستمر في تطوير أدواتها وفق أفضل الممارسات واستراتيجيات التعليم الإلكتروني وأدواته بهدف استمرار تمكين المعلمين والمعلمات، وإتاحة أفضل الأدوات والتقنيات لتطبيق أفضل ممارسات التعليم والتعلم وفق أنماط مختلفة من التعليم المدمج والتعليم عن بعد التي توظف التقنية في تقديم حلول تعليمية مميزة. وأكدت بأن عمليات التحسين والتطوير والدعم الفني تخضع للتقييم والمراجعة بشكل مستمر وتقديم المعالجة الفورية، وتسعى الوزارة لتطوير المنصة والاستفادة منها في المستقبل ضمن خطتها الاستراتيجية. تعمل الوزارة ضمن خطة استمرارية الأعمال والتعليم على دراسة المخاطر وتقديم الحلول البديلة والأدلة والإرشادات اللازمة للمستفيدين، وأسست فرق عمل تقنية لمتابعة التغيرات والتطورات التي تتضمنها الاستخدامات، كما قدمت الوزارة الإرشادات والتوصيات للمعلمين وقادة المدارس وإدارات التعليم للتعامل مع أي تحديات طارئة قد يواجهها الطلاب أثناء التعامل مع خدمات المنصة. المتابعة.. سرّ النجاح لم يكن نجاح منصة مدرستي وليد الصدفة، فقد جندت الوزارة عبر مختلف إدارات تعليم المملكة فريق عمل تربوي وتقني لإنجاح هذه التجربة إلى أول محطة نجاح، وفي هذا الصدد وصف خالد بن حمد السليم مدير مكتب التعليم بشمال الأحساء منصة مدرستي بالمشروع الوطني وتمنى استمراريته ليحقق تطلعات الدولة رعاها الله وطموح مسؤولي وزارة التعليم، واستعرض السليم المهام التي كانت تقوم بها مكاتب التعليم بمتابعة مدير تعليم الأحساء حمد بن محمد العيسى، وأجمل تلك المهام بالآتي: ▪️ التدريب التقني في التعامل مع منصة مدرستي للمشرفين التربويين وقادة المدارس والمعلمين عبر حزمة من البرامج التدريبية بالتنسيق مع إدارة التدريب التربوي. ▪️ تشكيل لجنة رئيسة للدعم الفني، ولجان تابعة في المدارس لمعالجة التعثر في الدخول للمنصة. ▪️ حصر المعلمين والطلاب المتعثرين في الدخول للمنصة والوقوف على الأسباب ومعالجتها أولاً بأول. ▪️ تنفيذ زيارات افتراضية متكاملة لمتابعة سير الدراسة عبر المنصة، بهدف تجويد العمل وتقديم التغذية الراجعة المناسبة. ▪️ زيارات المدارس لمتابعة الأداء مع فئة الطلاب المتعثرين في دخول المنصة، ومدى التزام المدارس بتقديم الخدمات المساندة البديلة للطالب ولولي الأمر. ▪️ تقديم حزم من الآليات الإشرافية لتمكين المعلمين من استراتيجيات التعليم عن بعد. ▪️ تقديم البرامج التطويرية المناسبة للمعلمين. ▪️ رعاية التجارب الناجحة في الميدان التربوي ودراستها وتكريم أصحابها. ▪️ تزويد الميدان بما يستجد من جوانب تطويرية،أو تغيير في المنصة من الجانب البناء التقني. مهارات المستقبل فاضل الرصاصي "مشرف حاسب وتقنية معلومات" أشار إلى أن وزارة التعليم في المملكة كانت في ظل جائحة كورونا في تحدٍ كبير حيث دلفت إلى التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد عن طريق إطلاق منصة التعلم الإلكتروني "منصة مدرستي"، التي تدعم تحقيق المهارات والقيم والمعارف للمتعلمين لتتواءم مع المتطلبات الرقمية للحاضر والمستقبل عبر الفصول الافتراضية عبر برنامج ميكروسوفت تيمز، عبر استخدام استراتيجيات التعلم الإلكتروني التي تقوم على تنمية عدة مهارات منها التفكير الإبداعي وتكسبه المهارات التقنية. وتابع الرصاصي: منصة مدرستي ساهمت بشكل فعال في إكساب المتعلم مهارات القرن الواحد والعشرين (مهارات التعليم والابتكار، والمعلومات والإعلام والتقنية)، ورأى أهمية الحفاظ على هذه المكتسبات للمتعلمين. تعاضد الجهود نايف بو خمسين "مشرف تربوي لغة إنجليزية" اعتبر أن وزارة التعليم نجحت نجاحاً لافتاً بإطلاقها للمنصة التي تضم باقة خدمات فاعلة من مايكروسوفت في وقت وجيز جداً، وكذلك تفعيل قنوات (عين) على مدار 24 ساعة والتي بدورها لعبت دوراً مهماً في استمرارية التعليم بالشكل الذي يكفل الحفاظ على صحة أبنائنا الطلاب والمجتمع، مبيناً بأن المشرفين التربويين ساهموا في حل أي مشكلة تواجه المدارس في المنصة ومحاولة حلحلتها بشكل عاجل وفوري من أجل توفير الاستقرار التام للعملية التعليمية، ثم شرعوا بعدها بتقديم ورش عمل، وإطلاع المعلمين على الاستراتيجيات المناسبة، وتزويد المعلمين والمعلمات بالأدوات المتاحة التي وفرتها الوزارة من خلال باقة البرامج المتعددة المتضمنة في مايكروسوفت تيمز، والقيام بزيارات ميدانية للمدارس لنقل الخبرات البينية بين المدارس. شراكة البيت والمدرسة أشاد نايف بوخمسين بالجهد والوقت الذي بذله أولياء الأمور للوقف جنباً إلى جنب مع المعلم خلال المسيرة التعليمية لاسيما في المرحلة الابتدائية، حيث قدموا الدعم اللازم للأبناء، والتعاون الكبير مع المعلم لخلق الجو المناسب للعملية التعليمية، فحرص الأهالي وملازمتهم لأبنائهم على طوال اليوم الدراسي ساهم بشكل كبير أيضا في نجاح المنصة وتحقيق الهدف الذي وجدت من أجله. مهارات تقنية لازمة ممدوح الذكرالله "مشرف تربوي" أكد بأن مشروع تقييم أدوات التقويم في التعليم الإلكتروني من المشاريع التي اهتمت بها الوزارة لتزويد المعلمين بالمهارات التقنية اللازمة، وذلك بهدف إجراء التقويم في التيمز، كما تبنت وزارة التعليم في منتصف الفصل برنامج أدوات التقويم بتدريب مدربين مركزيين على مستوى المملكة وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتدريب المعلمين على أدوات التقويم المعتمدة في المنصة والتيمز، ليقوم هؤلاء المتدربين بتدريب زملائهم في المدارس. بُعد اقتصادي للتعليم الرقمي! تناول المرشد الطلابي سعد التركي جوانب أخرى إيجابية ساهمت "منصة مدرستي" في تحقيقها، ومن ذلك أنها نجحت في توفير الموارد الاقتصادية على الأسرة ومتطلبات الأبناء، كما قرّبت الأسرة من أبنائهم والتواصل المثمر مع المعلم مباشرة، والتفاعل الإيجابي عبر مواكبة عصر جديد من التعليم الرقمي المستدام فائق المرونة وسريع النتائج الإيجابية، ويعد توليفة مرنة وذكية من التعليم المتزامن، ويتماشى مع عصر السرعة، ويساعد على مواجهة تحديات المدارس في زيادة نسبة غياب الطلاب والتسرب الدراسي، ويسهم في تقليل الهدر من الموارد، ويوفر نظام متابعة دقيقة لمستوى تقدم الطلبة، كما أنه ينمي مهارات الطلاب في التعلم المستقل والتعلم الذاتي، ويكسبهم مهارات شخصية، خصوصاً في تولي مسؤولية تعلمهم، ويؤمن متابعة فائقة لمستوى تقدم الطلبة، وأنه يعتبر فرصة لتحقيق استدامة الموارد التعليمية. المنصة تحفّز زاهر العلي "ولي أمر" أشار إلى أن أبناءه تعاملوا مع المنصة بسهولة بسبب إلمامهم بتقنية الحاسب الآلي مُنذ الصغر، واستدرك مشيراً إلى أن المنصة حفزتهم في الاعتماد بشكل أكبر على أنفسهم خلال أداء واجباتهم، أو في البحث عن المعلومات، مشيراً إلى دورهم كآباء في مساعدتهم بشكل أوسع في المواد العلمية، فالطالب بحاجة إلى الإدراك الحسي والشعور بالمعلم داخل الفصل لتصل المعلومة ويلمسها الطالب خاصة للمرحلة الابتدائية. ولفت إلى أن أكبر مشكلة واجهتهم كآباء هو الانقطاع المتكرر للإنترنت لاسيما خلال الاختبارات الشهرية، فيما عانت بعض الأسر من عدم قدرتها على توفير الحواسيب. توصيات تطويرية قدم فاضل الرصاصي عدداً من المقترحات التطويرية للمنصة، ومنها: *الدعم الفني للمنصة كان بحاجة لمزيد من التدريب لحل التحديات التي تواجه الميدان. * بعض التحديثات لمنصة مدرستي تحذف البيانات المدخلة في قاعدة بيانات المدراس، فلو تم أخذ نسخة احتياطية لها قبل التحديث، ومن ثم استرجاعها لكانت خطة جيدة. *يبدو أن هناك خللا نسبيا في التقارير التي ترصدها (مدرستي) لبعض الأدوات كالواجبات والإثراء بحاجة للتحقق منها. * لا تظهر للمشرف التربوي واجبات المعلم وأنشطته والاختبارات لتحكيمها، والتأكد من إعدادها بشكل جيد. .. وملاحظات أخرى خالد الفرحان "معلم" وصف عمل المنصة والتحديثات المستمرة بالممتازة، إلا أنه أبدى ملاحظات تطويرية على التيمز والمنصة تمنى إجراء تعديل عليها لأهميتها كما يراه، ومنها: خروج نموذج إجابة للمعلم عند وضع نموذج للاختبار أو الواجب، وذلك بغرض التأكيد من صحته. تفعيل مشاركة النموذج بين المعلمين. في التيمز تمنى تفعل المحادثة الجانبية بين المعلم والتلميذ وعدم اقتصار الإرسال من التلميذ. إمكانية إيقاف المحادثة في التيمز من قبل المعلم. في التيمز لايزال التواصل بشكل خاص بين المعلم والتلميذ مغلقا، ومفعّلا للتلميذ. ابتسام الشهري خالد السليم سعد التركي نايف بوخمسين زاهر العلي فاضل الرصاصي ممدوح الذكرالله خالد الفرحان التعليم عن بعد استراتيجية مستقبلية