لم يكن بنك (سيليكون فالي) ذا شهرة كبيرة، لكنه كان أحد المصارف الرئيسة؛ التي تقدم قروضاً للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في الولاياتالمتحدة وخارجها، وكانت له روابط قوية مع شركات رأس المال الاستثماري. وفي نهاية العام الماضي، احتلَّ المرتبة ال16 في الولاياتالمتحدة من حيث قيمة الأصول التي بلغت 209 مليارات دولار أمريكي وقيمة ودائع تتجاوز ال175.4 مليار دولار، لكنه تعرَّض لضربة كبيرة عقب ارتفاع أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة من قبل الفيدرالي الأمريكي العام الماضي، ما أدى إلى عرقلة الأحوال المالية في قطاع الشركات الناشئة، خاصة أن القيمة السوقية للعديد من أصول البنك المرتبطة بالرهن العقاري قد فقدت قيمتها مع ارتفاع أسعار الفائدة. وعلى وقع ذلك، بدأ عملاء البنك؛ ومعظمهم من شركات التكنولوجيا، في سحب ودائعهم في ضوء احتياجها إلى السيولة للحصول على التمويل، ما دفع البنك إلى بيع السندات، رغم عدم تحقيق أي مكسب وبالخسارة من أجل تغطية عمليات السحب من قبل الزبائن. عدوى الإفلاس أكدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، الأحد، أن الحكومة تريد تجنُّب تأثير إفلاس سيليكون فالي على بقية النظام المصرفي، لكن في حين تستبعد واشنطن إنقاذ المؤسسة عبر ضخّ أموال عامة فيها، تفيد تقارير بأنها تدرس إمكان حماية كل ودائعها. وقالت يلين خلال مقابلة مع شبكة (سي بي إس) الأمريكية: «نريد أن نتأكد من أن مشكلات أحد البنوك لا تسبب عدوى لبنوك أخرى قوية». ورغم أن البنوك الكبيرة لم تتأثر، إلا أن أسهم العديد من المصارف المتوسطة الحجم أو المحلية، تراجعت في البورصة، في ظل قلق المستثمرين. وخلال أسبوع واحد، أعلنت ثلاثة بنوك أمريكية كبرى إفلاسها، فقد أعلنت السلطات الأمريكية، الأحد، إفلاس بنك (سيغنتشر)، بعد أن أعلنت إفلاس كل من (سيلفرغيت كابيتال) و(سيليكون فالي)، ومن أبرز المصارف المتضررة بنك فيرست ريبابلك؛ الذي انخفضت أسهمه بنسبة 30% تقريباً. واتخذت السلطات الأمريكية العديد من الإجراءات خلال نهاية الأسبوع لمحاولة استعادة الثقة في النظام المصرفي الأمريكي، وتجنُّب عمليات السحب الضخمة للودائع التي قد تزيد من إضعاف هذه المؤسسات؛ ومن بين الإجراءات التي تم الإعلان عنها ضمان السلطات خصوصاً سحب جميع الودائع من بنك سيليكون فالي المُفلس، كما وافق الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إقراض الأموال اللازمة لبنوك أخرى قد تحتاجها لتلبية طلبات السحب من عملائها. سحب الأرصدة في 10 مارس، انهار بنك سيليكون فالي (SVB)، بعدما سحب المودعون أرصدتهم، ما تسبب في أكبر فشل مصرفي منذ الأزمة المالية عام 2008، ويُعد هذا ثاني أكبر فشل في تاريخ الولاياتالمتحدة، وكان لانهيار (SVB) تأثير كبير على الشركات الناشئة، حيث لم يتمكَّن الكثير من استرداد الأموال من البنك، كما تأثرت شركات التكنولوجيا الكبيرة الأخرى ووسائل الإعلام ومصانع محلية. وأصدرت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا (DFPI) أمراً بالحجز على البنك، وترْكِ أصوله لمؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية (FDIC)؛ التي قامت، في وقت لاحق، بتأسيس البنك الوطني للتأمين على الودائع في سانتا كلارا، وحاولت المؤسسة تغطية الودائع المؤمَّن عليها والودائع غير المؤمَّن عليها بأرباح خاصة، فهناك نحو 89% من 172 مليار دولار من التزامات الودائع تجاوزت الحد الأقصى المؤمَّن عليه من قبل مؤسسة التأمين الفيدرالية. وشهد قطاع التكنولوجيا، خلال جائحة فيروس كورونا، فترة من النمو، حيث إن (SVB) قد اشترى سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، بالاستفادة من الزيادة في الودائع في 2021، لكن قيمة هذه السندات انخفضت مع ارتفاع أسعار الفائدة خلال زيادة التضخم في 2021- 2023. ولتعويض خسائر البنك، فقد أعلن في (8 مارس) أنه باع استثمارات بقيمة 21 مليار دولار، واقترض 15 مليار دولار، وسيقوم ببيع طارئ لأسهمه لجمع 2.25 مليار دولار أمريكي، فتسبب الإعلان في حدوث (Bank Run) -حالة تحدث عندما يسحب عدد كبير من عملاء البنك أو مؤسسة مالية دعمهم في آنٍ واحد- حيث سحب العملاء أموالاً بلغ مجموعها 42 مليار دولار أمريكي في اليوم التالي.