بدلاً من أن تثير الخوف في أنفس الشباب الإيرانيين الذين نشطوا في الاحتجاج على سياسات نظام الملالي؛ فإن أحكام الإعدام التي نفذتها محاكم النظام بحق 13 محتجا إيرانيا أججت الثورة الشعبية ضد الملالي، وأثارت مزيداً من التحديات لما يسميه نظام علي خامنئي الجمهورية الإسلامية. وقوبلت الإعدامات الوحشية لشبان في عمر الزهور باحتجاجات عالمية غاضبة، زادت النظام عزلة على عزلته. وبدا واضحاً أن النظام الإيراني مرتعد من مآلات الثورة الشعبية الراهنة، التي لم تخمد منذ اندلاعها في سبتمبر 2022، إثر مقتل الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في أحد مخافر شرطة الأخلاق في طهران، بدعوى عدم ارتدائها الحجاب. ولهذا قام قادته المجرمون بتسريع المحاكمات، وعدم السماح للمتهمين باختيار محامين يثقون بهم للدفاع عنهم. وفي غالبية القضايا تمت الإدانة وصدرت أحكام الإعدام شنقاً بناء على أدلة مشكوك في صحتها، وبناء على اعترافات أخذت قهراً وتحت وطأة التعذيب. وبدأ مسلسل الإعدامات في ديسمبر الماضي بإعدام شخصين. وتم إعدام شخصين آخرين في 7 يناير الجاري. ويواجه 9 آخرون مصيراً مماثلاً. وكانت المحاكمات تتم في جلسة مغلقة. وتحدث معارضون للنظام عن أن بعض المتهمين مثلوا أمام المحكمة وعلى أجسادهم آثار التعذيب. وذكرت منظمة العفو الدولية أن النظام وجه تهمة الإفساد في الأرض، التي تحمل عقوبة الإعدام، إلى 15 إيرانياً ينتظرون الأحكام التي ستصدر بحقهم. «عكاظ» تنشر معلومات عن الإيرانيين الذين تم إعدامهم في الآونة الأخيرة، ومعظمهم شباب صغار. وكان لكل منهم طموحاً بتحقيق أكبر النجاحات في مجالات اهتمامهم كالبطولات الرياضية، وغناء «الراب»، والتمثيل، وألعاب القوى. محمد بوروغني محمد بوروغني هو الأصغر سناً ممن تم إعدامهم ظلماً في إيران، إذ لم يتجاوز 18 سنة من العمر. وقد قُبض عليه في ضاحية باكدشت، في مدينة كاراج التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة طهران. ووجهت إليه تهمة حمل عصا، وإضرام النار في مبنى محافظ المنطقة، وإصابة مسؤول أثناء الخدمة بطعنه بسكين. وذكرت وكالة تسنيم للأنباء الحكومية أن برورغني أبلغ المحكمة بأنه لم يكن على علم مسبق بأن هناك احتجاجات. وتمسك بأنه خرج من منزله لمتابعة موضوع نشره أحد أصدقائه على موقع إنستغرام. فسأله القاضي: لماذا قمت إذن بتصوير الاحتجاجات؟ فرد بأنه يطلب الرحمة والمسامحة، لأن الموقف أملى عليه القيام بذلك. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية غير الموالية للحكومة أن بوروغني كتب أغنية «راب»، عند بلوغه عامه ال18، قال فيها: «لن أنسى ألعاب الطفولة.. والدراجات واللهو... كنا غاية في السعادة.. لكنا الآن لا نعرف هل هبطناً للأسفل أم أننا ارتقينا للأعلى.. لم يبق سوى الذكريات.. وكلما كبرنا تضاءلت المتعة.. فصديقتي الآن لفافة تبغ.. وفجأة صار عمري 18 سنة». وفي الثاني من يناير الجاري أعلنت المحكمة العليا في إيران أنها أيدت حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة أدنى بحق بوروغني. محمد مهدي كرامي أعدم محمد مهدي كرامي في السابع من يناير الجاري. ولم يتعد عمره 22 سنة. وقد أعدم بعد شهرين من اعتقاله في مدينة كاراج. واتهمه نظام الملالي بقتل أحد عناصر مليشيا الباسيج في كاراج. وتقول منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية إيرانية إن القاضي اعتمد على اعترافات انتزعت من كرامي تحت التعذيب والإكراه. وكان كرامي من أبطال رياضة الكاراتيه، التي حصل فيها على عدد من الميداليات داخل إيران. وقد هاجرت أسرته من محافظة كردستان الإيرانية للعثور على عمل في كاراج. ووزع والداه مقطعاً مرئياً لابنهم هو يرتدي زيه الرياضي، مرتدياً حزاماً أحمر، والمشجعون يهتفون باسمه. ماهان سدرات ماراني قامت شرطة نظام الملالي باحتجاز ماهان سدرات ماراني، الذي لم يتجاوز عمره 22 سنة في نهاية أكتوبر 2022 في طهران، بعدما اتهمته بمهاجمة أحد عناصر ميليشيا الباسيج بسكين، وإضرام النار في دراجة بخارية، وتحطيم هاتف نقال. وقال محاموه إن المحكمة أدانته بناء على مقاطع مرئية مهزوزة لا تظهر فيها أي سكين بيده. ولما تزايد عدد من ناشدوا النظام وقف إعدامه، عمدت السلطات إلى إلغاء الإعدام قبل ساعات من التنفيذ. لكنها عادت في الفجر لتأخذه إلى المشنقة. كان ماراني منغمساً في رياضة ألعاب القوى، ومتابعة الموضة. وكان يعمل في ثلاثة أماكن ليتمكن من إعالة والديه وشقيقاته. محمد غوبادلو تم اعتقال محمد غوبادلو في طهران في 22 سبتمبر 2022. ووجه إليه نظام الملالي تهمة دهس شرطي بسيارته، زاعماً أن ذلك أدى إلى مقتل شخص، وإصابة آخرين. وأدانته المحكمة استناداً إلى اعترافات انتزعت منه تحت التعذيب والإكراه، بحسب منظمات حقوقية خارج إيران. كان غوبادلو، الذي لم يزد عمره على 22 سنة عند شنقه، يعمل في محل حلاق في طهران. وتداول الإيرانيون مقطعاً مرئياً في موقع إنستغرام يقول فيه لأحد زبائن المحل إن الناس في إيران يصفون أبناء السياسيين الأثرياء بأنهم «أغازاده»، أي أبناء أصول، ولكن «الأغازاده» الحقيقيين هم من يعملون ليكسبوا قوتهم. وأعلنت المحكمة العليا في 24 ديسمبر 2022 أنها أيدت حكم الإعدام الصادر بحقه. محسن شيكاري في 8 ديسمبر 2022 قام الجلادون بشنق محسن شيكاري، الذي لم يتجاوز عمره 23 عاماً، بعد احتجاز استمر أقل من ثلاثة أشهر. ويعد أول متظاهر إيراني يتم شنقه. وقد وجهت إليه تهمة إغلاق أحد الطرق، وطعن أحد عناصر مليشيا الباسيج التابعة للحرس الثوري الإرهابي، وتهديد السلامة العامة. كان شيكاري يقيم مع والديه في طهران، ويعمل في مقهى في أحد أحياء الطبقة العاملة بطهران. وطبقاً لصوره في مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو واضحاً أنه كان يحب ارتداء السراويل الفضفاضة، ويربط شريطاً حول رسغه. ويظهر في مقطع مرئي آخر وهو يغني في المقهى بصحبة قيثارته. وتقول الأغنية التي يؤديها: ليست لدي سوى أمنية وحيدة... أن أراكِ مرة أخرى... فأنت نجمتي الوحيدة. ماجد رضا راهناوارد أعدم ماجد رضا في 12 ديسمبر 2022، ولم يكن تجاوز عامه ال23. وقد تم اعتقاله في 19 نوفمبر الماضي في مدينة مشهد الواقعة شمال شرق إيران. وتم شنقه على متن رافعة في مكان عام. وتم اتهامه بطعن عنصرين من مليشيا الباسيج، وإصابة أربعة آخرين بجروح. وقال عنه أبناء حارته إنه كان محباً للرياضة البدنية والمصارعة. وطلب في مقطع مرئي قبل إعدامه بألا يبكي عليه ذووه. سمان سيدي (ياسين) كان سمان سيدي مغني «راب» ومصمم غرافيكي اشتهر باسم ياسين. وقد تم اعتقاله في الثاني من أكتوبر 2022. واتهمه نظام الملالي بحيازة مسدس، أطلق منه النار في الهواء ثلاث مرات أثناء الاحتجاجات والهتافات المدوية. وذكرت منظمات حقوقية إيرانية ودولية أن المحكمة قررت إعدامه شنقاً بناء على اعترافات أخذت منه تحت التعذيب والإكراه. كان ياسين يقيم مع والديه وشقيقتيه في طهران. وتنتمي الأسرة إلى أكراد إيران. وكان يبث مقاطع مرئية على حسابه في موقع إنستغرام يؤدي فيها أغنيات «الراب» باللغة الكردية. وتتحدث أغنياته عن الظلم الاجتماعي. وقال والده إنه أحد قدامى المحاربين في الحرب العراقية الإيرانية. وقالت والدته في مقطع تداولته الأسافير إن ولدها فنان، وليس من مثيري الشغب كما يسميهم النظام الإيراني. حسين محمدي داهمت شرطة الملالي حسين محمدي، البالغ من العمر 26 عاماً، في منزله بمدينة كاراج، في 5 نوفمبر 2022. واتهمته بقتل أحد عناصر مليشيا الباسيج في كاراج أثناء مظاهرة مناهضة لحكم الملالي. وتقول المنظمات الحقيقية الإيرانية والدولية إن محمدي، وهو ممثل، أرغم على الاعتراف تحت التعذيب، وتم تصوير اعترافه القسري تلفزيونياً. وكان محمدي قد فاز بجائزة أفضل ممثل في مسابقة أقيمت داخل إيران. وهو ممثل، وشاعر، ومطرب. وفي 3 يناير الجاري قررت المحكمة العليا إلغاء حكم قاض أدنى بإعدامه. وأعادت الأوراق إلى القاضي نفسه. وتقول المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان إنه لا يزال يواجه احتمال الحكم بإعدامه. سهاند نور محمد زاده تم القبض على سهاند نور محمد زاده (26 سنة) في 23 سبتمبر 2022 في طهران، أثناء مشاركته في المظاهرات الرافضة لنظام الملالي. واتهمته قوات الأمن بحرق سلة للقمامة، وتحطيم القوائم الحديدية على جانبي الطريق السريع. واستندت المحكمة في إدانتها له على مقاطع فيديو أكد محاميه أنه لا يظهر في أي منها. وأبلغ محمد نور زاده أسرته، في اتصال هاتفي في يوم اعتقاله، أن رجال الملالي أبلغوه بأن مصيره الإعدام شنقاً. وأكد أنه لم يفعل شيئاً سوى ركل صندوق القمامة برجله أمام أحد المجمعات التجارية، بحسب تسجيل صوتي بثته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). ولم تجد مناشدات جدتيه لوالده ووالدته، ونداءات أكثر من 100 من العاملين في المجمع التجاري المذكور لإطلاقه. سيد محمد حسيني أعدم سيد محمد حسيني، البالغ من العمر 39 عاماً، في 7 يناير الجاري، بعد نحو شهرين من احتجازه في مطلع نوفمبر 2022. واتهمه نظام الملالي بقتل عنصر في الباسيج بمدينة كاراج. وقال محاميه علي شرفزاده أردكاني، في تغريدة على موقع تويتر، إنه زار موكله في السجن، وأكد أنه تعرض للتعذيب والضرب. وقال إن موكله كان يتم تقييد يديه وضربه وهو مقيد وعيناه معصوبتان. وأضاف أن موكله تعرض للضرب في الرأس حتى أصيب بالإغماء. كما تم ضربه بقضيب حديدي في باطن قدميه. كما أخضع لصدمات كهربائية في مختلف أعضاء جسمه. وتمسك حسيني بأنه كان في طريقه إلى المقبرة لزيارة قبر والديه، عندما حدث زحام مروري، وتم القبض عليه في تلك الأثناء. وقال إنه أبلغ المحكمة بأن السكين التي كان يحملها كان سيستخدمها في حفر التربة لغرس ورود عند قبري والديه. منوشهر مهمان نواز ألقي القبض على منوشهر مهمان نواز، البالغ من العمر 45 عاماً، في 25 سبتمبر 2022 في محافظة طهران. واتهمته سلطة الملاي بحرق مبنى حكومي وعدد من السيارات، ومهاجمة نقطة للحراسة بقنابل المولوتوف. واعتمدت المحكمة في إدانته على رسائل زعمت أن المحققين عثروا عليها في تطبيق واتساب في هاتفه المحمول. وطالب ممثل الادعاء بشنقه في مكان الحريق. وهو متزوج وأب لبنتين تقربان من ال20 عاماً. خامد غاير حسانلو يعد الأكبر سناً ممن تمت محاكمتهم في إيران؛ إذ إن عمره يبلغ 53 سنة. وهو متخصص في وحدات الأشعة العلاجية. اعتقل في 4 نوفمبر بمدينة كاراج. واتهمته شرطة الملالي بالتورط في قتل عنصر الباسيح خلال الاحتجاجات التي اندلعت في كاراج. أما زوجته فرزانة (46 عاماً)، التي كانت برفقته، فقد حكم عليها بالسجن 25 عاماً، من دون أن يكون لها حق في أن يزورها ذووها في السجن. وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية المعارضة إن المحكمة أدانت حسانلو بناء على اعترافات انتزعت من زوجته تحت التعذيب والإكراه. وشنت الكوادر الطبية الإيرانية حملة عالمية واسعة للضغط على نظام الملالي لإطلاقه، ومنع إعدامه شنقاً. وطالب آلاف الأطباء الإيرانيين بإطلاق زوجته فوراً. وقد عُرف الدكتور حسانلو بعمل الخير، وتخصيص عيادات للفقراء، وبناء مدارس في الريف، والتبرع للمراكز الريفية بمعدات طبية. وكان حسانلو وزوجته عائديْن بسيارتهما إلى منزلهما عندما اعترضت طريق سيارتهما مظاهرة تحتج على قتل الشابة مهسا أميني. ويقول زملاؤه إن عدداً من المتظاهرين القريبين من سيارة الزوجين دخلوا في عراك مع أحد عناصر مليشيا الباسيج، ما أدى إلى القبض على حسانلو وزوجته. وفي 3 يناير الجاري أعلنت المحكمة العليا أنها قررت إلغاء قرار المحكمة الأدنى القاضي بإعدام الدكتور حسانلو، وقررت إعادة أوراق القضية إلى القاضي نفسه. ويعني ذلك أن القاضي سيعيد على الأرجح الحكم بإعدامه.