رغم الوساطات المتعددة التي تقوم بها بلدان إقليمية ودولية، إلا أن تلك الوساطات لن تحقق شيئاً على أرض الواقع في ظل استمرار انسداد الاوضاع السياسية في ليبيا الذي يأتي نتيجة لتصلب المواقف السياسية بين القوى المتصارعة داخل البلاد، وهو ما يشير إلى عدم إجراء أي استحقاقات انتخابية سواء رئاسية أو برلمانية خلال العام الجاري 2023. وتصاعدت حدة اللهجة السياسية بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ورئيس الحكومة الليبية المكلف من مجلس النواب فتحي باشاغا، بعد مهاجمة الأخير الطرف الأول متهماً إياه بالفساد، مؤكداً إن «الإخوان» يقفون وراء عدم استقرار الحياة السياسية داخل البلاد. قال المحلل السياسي مدير المركز العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية بالقاهرة الدكتور هاني سليمان ل«عكاظ»: الأوضاع السياسية في ليبيا ما زالت تراوح مكانها دون تغيير واضح في مراكز القوى، وبالتالي كل المعطيات والمؤشرات تؤكد أنه لا يمكن الحديث عن إجراء أي استحقاقات انتخابية في البلاد خلال 2023، في ظل التدخل الأجنبي والمليشيات التابعة للجماعة أو العاملة بالوكالة، وتدهور الأوضاع الأمنية. وعزا سليماني أسباب عدم وجود أي استقرار سياسي قريب إلى غياب التوافق بين القوى السياسية الليبية المتصارعة، مبيناً أن إجراء انتخابات ليبية سواء رئاسية أو برلمانية، أمر يحتاج لوقت طويل. وأيد المحلل السياسي اتهامات باشاغا ل«الإخوان» بإفساد الحياة السياسية، مبيناً أن «الإخوان» يسعون إلى التشويش والتخريب، وتعطيل المشهد السياسي برمته، عبر مليشياتهم ومنع الحكومة المنتخبة من دخول العاصمة طرابلس، والحشد العسكري مع جماعات الإرهاب والتطرف التي خرجت من عباءتها، من أجل دعم حكومة الدبيبة المنتهية ولاياتها، التي منحتها حرية السيطرة على الوضع الأمني في العاصمة عن طريق المليشيات المسلحة والمرتزقة، كنواة للسيطرة على ليبيا، متهماً «الإخوان» بوضع مخططات لعودة الفوضى عن طريق إشعال الفتن، وإسقاط البلاد مجدداً في نيران الحرب، إضافة إلى الوقيعة بين أبناء الشعب الليبي، كونها المستفيد الأول من الصراعات والفوضى. وأشار إلى أن الأمور السياسية في ليبيا تسير إلى حالة من الضبابية والتصعيد، فى ظل استمرار وجود حكومتين متصارعتين، مبيناً أن المشكلة الكبرى التي تعاني منها ليبيا هي غياب الأمن والاستقرار، نتيجة الانفلات الأمني في العاصمة طرابلس وأغلب مدن الغرب الليبي. وشدد المحلل السياسي على ضرورة أن تقوم البعثة الأممية في ليبيا بقيادة عبدالله باتيلي، ببذل المزيد من الجهد لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي الواسع في البلاد، والتوصل إلى حلول مع القوى السياسية، والعمل على ضبط النفس وحل الخلافات المستمرة بينهم التي تفضي بالوصول بالبلاد إلى تنظيم انتخابات في أقرب وقت ممكن.