حالة من الهدوء سادت ملف سد النهضة رغم توقف المفاوضات منذ عام ونصف العام بين مصر والسودان وإثيوبيا، إلا أن الأزمة عادت مجدداً إلى الواجهة مع استعدادات أديس أبابا للملء الرابع للسد، وحديثها (الخميس) الماضي على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية عن أنها ملتزمة بالمفاوضات الثلاثية، وأنها تراعي مخاوف مصر من أزمة نقص المياه. تصريحات المسؤول الإثيوبي جاءت بعد مطالبة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال زيارته الأخيرة لواشنطن، على هامش القمة الأمريكية الأفريقية، بضرورة تدخل الإدارة الأمريكية لحل ما وصفها ب«الأزمة الوجودية»، والضغط مجدداً على إثيوبيا من أجل التوصل إلى اتفاق عاجل بين كل الأطراف، والتوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً يمكن أن يحقق شيئاً جيداً وفقاً للمعايير والأعراف الدولية، وهو ما أكدت عليه الخارجية الأمريكية بضرورة التوصل إلى تسوية دبلوماسية تحمي مصالح جميع الأطراف. وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي أن أزمة سد النهضة تدور رحاها حول ضرورة التوقيع على اتفاق عادل وقانوني وملزم للأطراف الثلاثة. ولفت إلى أن الأزمة الكبرى منذ بدايتها تكمن في أن أديس أبابا ترفض الاعتراف بوجود حصة مصر السنوية التي تقدر ب55.5 مليار متر مكعب من المياه، في المقابل ترفض القاهرة المساس بحصتها كونها ضمن دول العالم الأكثر شحاً للمياه. وأضاف أن الاتحاد الأفريقي المنوط به حل تلك الأزمة أخفق على مدار السنوات الماضية في الوصول إلى إحراز أي تقدم ما دفع القاهرة والدبلوماسية المصرية إلى الاتجاه للخارج، خصوصاً دول العالم الكبرى، لإيجاد حل يحول دون تصعيد واشتعال الأزمة. واعتبر شراقي ل«عكاظ» أن السكون الذي يغلف أزمة سد النهضة منذ توقفها على مدار نحو عام ونصف العام أمر يبدو ظاهراً، إلا أن الدبلوماسية المصرية لا تتوقف في البحث عن إيجاد حلول بعيدة عن الإعلام، لافتاً إلى أن الموقف الحالي للسد طبقاً للأقمار الصناعية يكشف استعداد إثيوبيا للتخزين الرابع، وهو ما سيؤدي إلى زيادة التوتر المصري السوداني مع إثيوبيا ودول المنطقة في حال عدم الوصول إلى اتفاق، الأمر الذي دفع مصر مجدداً إلى الإدارة الأمريكية من جديد كون لها سابقة وساطة في هذا الملف، فضلاً عن التقارب الأمريكي الأفريقي. وجدد خبير المياه التأكيد على أن استمرار إثيوبيا في عمليات الملء والبناء يمثل خرقاً للأعراف والقوانين والاتفاقيات الدولية التي من بينها إعلان مبادئ سد النهضة 2015 الذي ينص في البند الخامس على التعاون في الملء والتشغيل مع مصر والسودان وهو أمر لم تلتزم به أديس أبابا.