تقوم السياسة السعودية على مبدأ التنوع في العلاقات السياسية والاقتصادية، ونسج العلاقات شرقاً وغرباً، اعتماداً على مبدأ الشراكة والندية، إذ إن العالم بعد الحرب العالمية الثانية، يقوم على هذا النوع من التفكير السياسي الذي يجمع كل الدول على مبدأ الشراكة والمصالح المشتركة. من هنا يمكن فهم أي علاقة سياسية واقتصادية للمملكة العربية السعودية خصوصاً في الجناح الآسيوي من العالم، ولعل الصين مثال على مبدأ السياسة الخارجية السعودية، إذ نشأت هذه العلاقة منذ 40 عاماً، وهي في حالة تجدد دائم بحكم المتغيرات والمعطيات الدولية. للصين أهمية بالغة في العالم الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي، إذ شكل التطور الاقتصادي الأخير للصين خلال العقود الماضية علامة مميزة في الخارطة الاقتصادية العالمية، واحتلت الصين مكانة دولية كبيرة بفعل الأهمية الذي يتمتع بها هذا البلد خصوصاً على المستوى الصناعي والتكنولوجي. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فهي الدولة الأكثر حضوراً على المستوى العربي والإقليمي والدولي، وبصورة خاصة على المستوى الإسلامي، لما لها من دور وازن في صياغة سياسات العالم الجديد، كما أن للمملكة علاقات عميقة في القارة الآسيوية والأفريقية، فضلاً عن الامتداد الغربي، وهذا يجعل من العلاقات بين البلدين قائمة على التكامل. كلا البلدين، السعودية والصين، يسعيان إلى رفع مستوى العلاقات على المستوى الاقتصادي والسياسي في ظل المتغيرات الدولية، ولا سيما أن البلدين على مستوى عالٍ جداً من الانسجام الاقتصادي، إذ طالما حظيت رؤية السعودية 2030، بإعجاب القيادة الصينية، بينما تعتبر مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تحيي طريق الحرير، في قلب الاهتمام السعودي باعتبار السعودية ذات موقع إستراتيجي يربط الغرب بالشرق ونقطة مرور إلى قلب القارة الأفريقية. فقد دشنت الرياض وبكين في 2019، أول مشروعات التعاون السعودي - الصيني في مبادرة «الحزام والطريق»، وهو مشروع مصنع شركة «بان آسيا» الصينية للصناعات الأساسية والتحويلية بمدينة جازان، وهو باكورة الاستثمار الصيني في هذه المنطقة على وجه التحديد، باستثمار قيمته 1.15 مليار دولار في مرحلته الأولى. هذا وجه واحد من التفاهمات السعودية - الصينية، وربما هو الأكثر أهمية ووضوحاً في المرحلة الحالية التي يشكل الاقتصاد الجزء الأبرز منها، ناهيك عن تطابق وجهات النظر في ملفات وقضايا سياسية وأمنية وعسكرية أخرى. إن وجود كل من الرياض وبكين، في مجموعة دول العشرين، يجعل من هذه العلاقة ذات أهمية متعددة الأبعاد، ويمنح البلدان الثقة بإرساء عالم من نوع جديد يسهم في الأمن والاستقرار العالمي على المستويات كافة. من كل ما سبق، يمكن القول إن العلاقة السعودية - الصينية ستكون مرحلة جديدة من بناء الثقة القديمة بين الطرفين وبكل تأكيد سيكون لهذه العلاقة انعكاس إيجابي على العلاقات الثنائية وعلى الاستقرار في المنطقة، خصوصاً مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ والقمم التي سيعقدها سواء ثنائية أو خليجية أو عربية، ما يعزز التعاون بين البلدين ويرسم مساراً جديداً من العلاقات المشتركة القائمة على تأسيس شراكة إستراتيجية طويلة الأمد.