على الرغم من المحاولات الإيرانية لإنكار إرسال الطائرات المسيّرة إلى روسيا، إلا أن الدلائل الغربية باتت واضحة على تورط طهران في حرب أوكرانيا، وبات السؤال اليوم في الغرب وبالتحديد في الولاياتالمتحدةالأمريكية: كيف يمكن إفشال هجمات المسيّرات الإيرانية على المدن الأوكرانية؟. منذ أواخر الشهر الماضي، حصل خبراء عسكريون أمريكيون على حطام طائرة مسيّرة إيرانية من نوع شاهد 136 بعد أن نفذت هجمات على مدن مأهولة بالسكان المدنيين، ويحاول الخبراء في الجيش الأمريكي فك شيفرة مسيّرات الملالي والعمل على تشويش عمل هذه الطائرة، وعلى الرغم من كل هذه الدلائل لا تستحي إيران من محاولات الإنكار الفاشلة على تورطها في حرب أوكرانيا. اتخذت دول الشرق الأوسط الحياد في الحرب، واعتمدت دول المنطقة مبدأ الحل السياسي والحوار بين الطرفين، باستثناء نظامين (السوري والإيراني)، وكلا النظامين مستعدان للتورط بأقصى الحدود في هذه الحرب، ففي تصريح لرئيس النظام السوري بشار الأسد أوردته صحيفة «أسيا أكسيدنتال» قال فيه: إن بلاده مستعدة لإرسال مقاتلين إلى أوكرانيا إذا طلبت روسيا ذلك، على الرغم من أن الجانب الروسي لم يطلب حتى الآن. بالعودة إلى التدخل الإيراني العسكري في أوكرانيا، تقول المعلومات إن المصانع الإيرانية العسكرية تعمل ليل نهار من أجل إرسال المسيّرات للقتال في أوكرانيا، وحتى الآن أرسلت إيران بحسب تقارير إعلامية أكثر من 200 مسيّرة، فيما تسعى إلى إنتاج أكثر من 2000 طائرة أخرى مسلحة للمشاركة في هذه الحرب، على الرغم من أن التصريحات الغربية تشير إلى محاولة طهران إرسال 1000 طائرة مسيّرة، إلا أن العدد يفوق ذلك بكثير. والواقع ليس غريباً على نظام ولاية الفقيه المشاركة في الحروب القذرة، هذا النظام الذي بث القلق والقتل في كل الشرق الأوسط بدءاً من العراق إلى سورية ولبنان واليمن، لا يتوقف عن المشاركة في حرب أوكرانيا، ذلك أن مثل هذه البيئة الحربية، مناخ مناسب لإيران حتى تتغلغل في هذه الدول. ما يثير الاستغراب هو رد الفعل الأمريكي على المشاركة الإيرانية الواضحة في الحرب، إذ تراوحت التصريحات الأمريكية بين الإدانة والتهديدات الفارغة دون الانتقال إلى مرحلة العقاب العسكري أو المالي ضد المؤسسات الإيرانية. وفي تصريح لمنسق شؤون مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي قال، إن وجود موظفين إيرانيين دليل على انخراط طهران المباشر في الصراع، وأضاف: «يمكننا أن نؤكد أن العسكريين الروس المتمركزين في شبه جزيرة القرم كانوا يتحكمون في طائرات إيرانية دون طيار، ويستخدمونها لشن ضربات في جميع أنحاء أوكرانيا، بما في ذلك الضربات ضد كييف». أما المبعوث الأمريكي إلى إيران روب مالي فقال: «نحن نعلم أن تلك الطائرات دون طيار قد استُخدمت لاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية. ونعلم أن إيران، في مواجهة كل هذه الأدلة، تستمر في الكذب وتنكر حدوث ذلك». إن مثل هذه الممارسات الإيرانية تتطلب موقفاً غربياً صارماً لوقف التدخل الإيراني، إلا أن ما نراه اليوم مجرد تصريحات لا تتجاوز الإعلام فقط. ولعل هذا يشجع إيران أكثر على التورط في هذه الحرب، كما حدث في سورية واليمن، إذ لم تجد طهران أدوات الردع الغربي وعلى وجه التحديد الردع الأمريكي، الأمر الذي دفع مليشيات الحرس الثوري إلى الانتشار في المنطقة، وقد تذهب إيران إلى ما هو أبعد من المسيّرات القاتلة، بإرسال مليشيات من الحرس الثوري للمشاركة في الحرب؛ لذلك فإن تجاهل الدور الإيراني في الحرب الروسية الأوكرانية قد تكون له مضاعفات كبيرة وخطيرة على الأمن الأوروبي؛ بسبب طموح إيران بنشر المزيد من القلق والفوضى في العالم وخصوصاً على حدود الغرب.