وفقاً للاستراتيجية الوطنية للسياحة تستهدف المملكة خلق مليون وظيفة جديدة إضافة الى 863 ألف وظيفة في القطاع اليوم. وبالنظر إلى أهمية قطاع السياحة في خلق الفرص الوظيفية وحسب منظمة السياحة العالمية فإن كل 5 وظائف في العالم واحدة منها من السياحة. بالإضافة إلى أن 10% من الوظائف عالمياً من قطاعات لها ارتباط في السياحة. وفي المملكة اليوم يعد قطاع السياحة ثالث أكبر قطاع منتج للوظائف من خلال القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالسياحة مثل (الضيافة، الترفيه، الفعاليات). وتقوم التنمية السياحية الضخمة في المملكة بالتركيز على أهمية عكس الأثر الإيجابي للسياحة خصوصاً للمجتمعات السياحية من خلال خلق الفرص الوظيفية لأهل تلك الوجهات في المناطق، بادرت المشاريع الكبرى في إطلاق برامج تأهيل وابتعاث شباب وشابات من نفس الوجهات السياحية لضمان استدامة تلك الوظائف أولاً ثم رفع نسبة مشاركة المجتمعات المحلية في التنمية السياحية. وبذكر العديد من الأمثلة (برنامج العلا للابتعاث، أكاديمية القدية، برنامج ابتعاث أبناء وبنات السودة ورجال ألمع)، وأخيراً البرامج الأخرى التي أطلقها مشروع البحر الأحمر ك"رواد ضيافة البحر الأحمر". والجدير بالذكر أن الجميل في تلك الوظائف أنها لا تتطلب الانتقال الى المدن الرئيسية بل تساعد على استقرار الأفراد في مدنهم ومحافظاتهم. لا يقف الطموح ؛ إذ بادرت وزارة السياحة ووفقا لاستراتيجية تنمية رأس المال البشري في القطاع السياحي بإطلاق برنامج رواد السياحة الذي يشتمل على (برنامج التدريب الدولي وبرنامج التدريب الداخلي) اللذين من ضمن أهدافهما دعم فرص التطور والتوظيف للشباب في القطاع السياحي وإطلاق منصة «التعليم السياحي الإلكتروني» بتسجيل ما يزيد على 226 ألفا، وتدريب أكثر من 111 ألفا خلال عام 2021 من العاملين والراغبين بالعمل في القطاعات السياحية بالإضافة الى العديد من المشاريع والبرامج الأخرى. جميع الجهود الكبيرة تبرز أهمية استدامة الوظائف في السياحة وخلق مسار مهني وليس وظيفيا فقط من خلال رفع مستوى التأهيل المعرفي لتحقيق هدفين مهمين جداً: رفع نسبة المواطنين والمواطنات في القطاع السياحي (خصوصاً مع بداية تدشين المشاريع الكبرى)، تقليل نسبة الانتقال أو التحول الوظيفي TurnOver في القطاع السياحي داخل المملكة. فمثلاً في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفقًا لمكتب إحصاءات العمل ارتفعت نسبة التحول الوظيفي ب 130.7٪ في عام 2020 مقارنة ب 78.9٪ ما قبل جائحة كورونا. مع نمو الطلب المتوقع على الوظائف السياحية في جميع قطاعات السياحة مثل المرشدين السياحيين ومنظمي الرحلات السياحية وموظفي صالات الاستقبال في المطارات والطيران بالإضافة الى منظمي الفعاليات سواء السياحية أو غيرها من أنواع الفعاليات تظهر أهمية خلق مسار وظيفي أكثر من الوظيفة نسبها من خلال رفع الوعي عن المهن المتاحة في المملكة مع التركيز على تمكين الكفاءات الوطنية للعمل في القطاع السياحي. استدامة الوظائف في القطاع السياحي في المملكة لها أهمية كبيرة في نجاح الكوادر الوطنية مهنياً وضمان تطورهم مهم ليس فقط في الاستمرارية بل في جعلهم من صناع السياحة وقادتها مستقبلاً. ووفقاً لدراسة قامت بها جامعة جونسون آند ويلز في أمريكا عن 10 عوامل تساعد على تقليل معدل التحول الوظيفي أو الانتقال في صناعة السياحة والضيافة خصوصاً منها: (تقديم فرص متقدمة، امتيازات سخية، التطور الوظيفي مع ضمان وجود التدريب المستمر) كلها تضمن الصعود الفعال للموظفين خصوصاً مع نمو التنافسية في القطاع بعد مرحلة التعافي. * محاضر ومدير العلاقات العامة والإعلام في كلية السياحة - جامعة الملك عبد العزيز