جرائم قتل ذوي القربى والعنف الأسري، بشعة ينكرها الدين والعقل ولا يقبلها المجتمع، ورغم ندرتها إلا أن ألمها كبير في النفوس، فهي تناقض صلب العلاقات الإنسانية، خصوصا الزواج المبني على التراحم والمودة والمعاملة الحسنة، وهذه الجرائم بعيدة كل البعد عن مجتمعنا السعودي الذي يحض على تجنب العنف سواء بين الأزواج أو الأقارب. إلا أن بعض جرائم العنف في نطاق العائلة والأسرة الواحدة تطلق جرس إنذار، وبعضها يشير إلى أن الجاني قد يكون متعاطياً للمواد المخدرة، كما حدث في جريمة القتل بالمنطقة الشرقية، وتبين أن الجاني -وهو ذو صلة قربى للعائلة المتوفاة- كان تحت تأثير تعاطي مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)، حينما سكب مادة البنزين، وأضرم النار داخل المنزل؛ ما أدى إلى وفاة 4 من الأسرة (الأب، الأم، شاب وشابة). هذه الجرائم لا تتوقف بشاعتها عند حدث معين؛ فهذه زوجة تسكن جدة أقدم زوجها بالاعتداء عليها بالضرب بآلة حادة في أنحاء متفرقة من جسدها للمرة الرابعة، ولم يكتفِ بذلك، بل تعمد إلى تشويه وجهها وحلاقة شعرها وقطع أصابع يدها وتركها تنزف. سكبالبنزين على أسرته تعود تفاصيل الجريمة الأولى؛ وبحسب إعلان شرطة المنطقة الشرقية، أنها قبضت على مواطن سكب مادة البنزين، وأضرم النار داخل منزله، في محافظة القطيف، نتج عن ذلك وفاة 4 أشخاص من أسرته. وتبين من إجراءات الاستدلال أن الجاني كان تحت تأثير تعاطي مادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه وإحالته إلى النيابة العامة. وكشفت التحقيقات أنه من مدينة صفوى، وهو بالعقد الثالث من العمر، وقريب من الدرجة الأولى للأسرة التي أضرمت فيها النيران، وقد وضع خطة محكمة في سبيل تنفيذ جريمته، التي نفذها قبيل الإفطار، وذلك بحصر جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة للحيلولة دون خروجهم، ولإحكام تنفيذ جريمته أغلق الغرفة من الخارج وأشعل النار متسبباً في وفاة أسرة كاملة: «أب، أم، شاب، شابة». ومتجاهلاً لجميع نداءات الاستغاثة دون اكثرات للنداءات ولا للتسولات بإنقاذهم من الموت المحقق، وعلى الرغم من أن الحريق كان مخصوصاً ومخططاً لتلك الأسرة إلا أن الجاني تعرض إلى إصابات منه ونقل إلى المستشفى للعلاج. ووجه أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، وبمتابعة من نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير أحمد بن فهد بن سلمان، بتقديم جميع سبل الرعاية لأفراد أسرة المتوفين في حادث الحريق مع توجيه الجهات الأمنية برفع نتائج التحقيقات حول الحادث بعد استكمال الإجراءات اللازمة. ضربزوجته بآلة حادة محافظة جدة أيضاً شهدت أحد أنواع هذا العنف، وذلك باعتداء زوج على زوجته بالضرب بآلة حادة في أنحاء متفرقة من جسدها استدعت إصدار النائب العام الشيخ سعود المعجب، أمراً بإيقاف الجاني. وبين مصدر مسؤول في النيابة العامة، أن بلاغاً تلقته الجهات الأمنية من أحد المستشفيات بمحافظة جدة عن قدوم امرأة، تعرَّضت لاعتداء جنائي باستخدام آلة حادة، وقامت جهة الضبط باستيفاء إجراءات الاستدلال الأولية، وإحالة القضية للنيابة العامة. وشدد المصدر أن النائب العام أمر بتشكيل فريق تحقيق مختص بالتحقيق في قضايا الاعتداء على النفس والأسرة والأحداث، مع إحالة أطفال الأسرة للجهة المختصة لتقديم الرعاية والدعم النفسي لهم. وأكد ضرورة الحماية العدلية الجزائية للأسرة وأفرادها في المملكة، وأن الجناية على تكوينها واستقرارها تستوجب المساءلة الجزائية، منوهاً بأنه ستتم إحالة المعتدي للمحكمة المختصة للمطالبة بأشد العقوبات المقررة نظاماً في هذا الشأن. هذه الحادثة جعلت رجال شرطة جدة يلقون القبض على الزوج، وجرى إيقافه واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه وإحالته إلى النيابة العامة. وكانت أسرة الزوجة المعنفة قد أكدت تعنيف الزوج لزوجته التي لديها 8 من الأبناء ويحتمل فقدانها بصرها في عينها اليمنى وتعرضها لكسور في الظهر والرأس والجمجمة، حيث ترقد حالياً في مستشفى شرق جدة. وبينت أسرة الزوجة أنها تعرضت لتعذيب بشع من الجاني حيث تعد المرة الرابعة التي يقوم فيها بمثل هذه الممارسات، وقد عمد إلى تشويه وجهها وحلاقة شعرها وقطع أصابع يدها، التي تركها تنزف لبعض الوقت مما قد يتسبب في بترها. ضعفالوازع الديني قال على المجرشي: «مجتمعنا مسالم وشريعته القرآن الكريم الذي حث على المعاملة الحسنة البعيدة عن العنف سواء بين الأزواج أو بين الأقارب أو بين الأصحاب، وظهور مثل هذه الحوادث بين الحين والآخر هي نتيجة ضعف للوازع الديني، فالعلاقة بين الزوجين علاقة حب ووئام، ووصفها المولى -عز وجل- في كتابه بزواج بإحسان أو تسريح بإحسان، ولا تصل الأمور مهما اختلف الزوجان إلى الضرب أو الحرق». وأضاف علي الغروي: «العنف هو نتيجة اضطرابات نفسية يصاب بها الإنسان، ولكن من وجهة نظري لا تصل إلى الضرب أو الحرق أو القتل إلا إذا كان عدواً وليس قريباً، فالقريب دائماً ينظر إلى قرابته مع الطرف الآخر، وأعتقد أن مثل هذه الحوادث بحاجة إلى أن تدرس من قبل المختصين في علم النفس والاجتماع والخروج بتوصيات لمعالجتها والتصدي لها». وأفاد سعيد هشام معروف بقوله: «استخدام القوة أو التهديد في التفاهم مع الطرف الآخر أمر سلبي ومضر وخارج عن الشريعة المحمدية، الذي تنبذ العنف في جميع التعاملات حتى في الحروب، ومن وجهة نظري أن العنف الأسري تحديداً هو نتيجة ضعف للوازع الديني، وربما نتيجة تعاطي أحد الوالدين لبعض الممنوعات إضافة إلى التأثر ببعض الأفكار الهدامة التي تبثها بعض القنوات التي يتأثر البعض بها فيطبقها على غيره وتكون نتائجها وخيمة». حالات شاذة وليست ظاهرة أكد المستشار الاجتماعي والأسري طلال الناشري، أن جرائم العنف الأسري هي حالات فردية وشاذة وليست ظاهرة في المجتمع، ولكنها مرتبطة بدوافع تعاطي المخدرات أو الأمراض النفسية، مؤكداً أن الكثير من تلك الجرائم تأتي بشكل مفاجئ دون تخطيط أو ترصد للتنفيذ. وشدد الناشري، على أن الجرائم الأسرية تأتي ليس بدوافع انتقامية عادة، أو ردة فعل عنيفة قد تصل بالشخص لكي يعد القتل هو الحل الرحيم للبعد عن المعاناة، وعادة يكون بقتل الأبناء والأسرة بعد أن تغلق أمام الجاني كل الحلول ويكون في نظره الموت هو الحل. وأشار إلى أن بعض الأمراض النفسية، تؤدي إلى ذلك ومنها الاكتئاب؛ حيث يقوم مريض الاكتئاب بقتل أحبائه وأقاربه دون أن يشعر، فيما يعاني مريض الاضطراب التشككي أو الانفصال التشككي من هلاوس سمعية وبصرية يمكن أن تدفعه لقتل الأشخاص دون أن يشعر، فهو يظن بأن الأشخاص يكرهونه ويريدون أذيته، فيريد أن ينتقم منهم فيقتلهم، وكذلك مريض الوسواس القهري، ويكون المريض وصل لمرحلة الرمادية، وهذه أخطر مرحلة في مرض الوسواس القهري الذي يمكن أن يجعله يقتل أقرب الأشخاص لديه. ونبه الناشري، من إهمال علاج متعاطي المخدرات أو الإبلاغ عليهم لمنع أي جرائم قد يرتكبونها دون وعي منهم. وأكد أن حادثة قتل القطيف تؤكد ما حذر منه المختصون من خطورة مخدر (الشبو)؛ الذي يعرف باسم (الكريستال)؛ وهو مادة كيميائية شديدة الخطورة على متعاطيها، وما يميزها أنها تتسبب في حدوث ضلالات واضطرابات في الشخصية وهلوسات ناتجة عن إدمان هذا المخدر الذي يعد من أخطر أنواع المخدرات حاليا. عقوبة شديدة دنيا وآخرة المستشار القانوني سيف أحمد الحكمي، بين أن الإسلام حرم القتل، وجعله من أعظم الكبائر، وتوعَّدَ القاتل بالعقوبة الشديدة في الدنيا والآخرة، فمن قتل مسلماً عدواناً؛ فقد توعده المولى عز وجل. مؤكداً على حرمة قتل النفس المعصومة دمها، مشيراً إلى أنه يجب القصاص فيه، ويكون بقتل الجاني متعمّد القتل، ولولي المقتول القصاص أو الدية أو العفو. وأضاف: «القتل ينقسم إلى ثلاثة أقسام عند أكثر أهل العلم؛ وهي: القتل العمد، والقتل شبه العمد، والقتل الخطأ. والقتل شبه العمد، هو أن يقصد الجاني قتل إنسان معصوم الدم بما لا يَقتل غالباً؛ كأن يضربه بعصا في غير مَقتل ونحوه، فالضرب مقصود والقتل غير مقصود، لذا سُمّي شبه عمد، ويحرم الاعتداء على الإنسان معصوم الدم بهذه الصّورة، ولا قصاص فيه، وإنّما تجب فيه الدّية المغلظة، وتتحملها العاقلة، والكفّارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، وتكون من مال الجاني الخاصّة، ولا تسقط الكفّارة بعفو أولياء القتيل عن الدّية». بين رئيس لجنة المحامين في لجنة تراحم المحامي أشرف السراج، أنه تلقى توجيها عاجلا من رئيس مجلس الإدارة المستشار أحمد الحمدان بتقديم المعونة القضائية فوراً لحالة الزوجة الضحية في جدة. وأبدى السراج، الاستعداد لتشكيل لجنة من المحاميات والمحامين للتطوع في متابعة حالة الزوجة. وقال: «العقوبة ستكون مغلظة ومشددة؛ كون الضحية مستأمنة في بيتها، وتعرضت بحسب ما نشر إلى إصابات بالغة جدا، وفي حال ثبوت الجريمة وارتباطها بجرائم مماثلة أو متكررة فإن العقوبة؛ التي أرى المطالبة بها هي القتل تعزيرا للجاني لبشاعة جرمه وخطورة تفشي مثل هذه الجرائم، وفي حال لم يثبت موجب القتل فيكون الاقتصاص منه عملاً بقاعدة العين بالعين، وإيقاع عقوبة مشددة ومغلظة تقتص للضحية وتزجر الجاني وتردع غيره».