كان من أبرز أحداث الأسبوع الماضي إعلان مجلس التعاون الخليجي استضافة مشاورات يمنية يمنية في الرياض المؤمل منها تحقيق جملة من الأهداف أعلنها الأمين العام للمجلس في مؤتمره الصحفي، ومنذ ذلك الوقت والنقاش شبه مستمر في المنصات الإعلامية ووسائل التواصل حول هذه المبادرة، وما الذي يمكنها تحقيقه في ظل انسداد المسار السياسي للأزمة اليمنية بسبب تعنت الحوثيين ورفضهم الانخراط الجاد في أي عملية سياسية، وعدم وفائهم بما تمخضت عنه المفاوضات السابقة، بالإضافة إلى بعض الأسباب الأخرى المتعلقة ببعض المكونات السياسية اليمنية. هناك توجس لدى بعض المراقبين للشأن اليمني من جدوى هذه المشاورات فيما لو رفض الحوثيون المشاركة فيها بصفتهم الطرف الأساسي في المشكلة، وهناك إرهاصات تشير إلى رفضهم، إلى الآن على الأقل، والحقيقة أنهم لو فعلوا ذلك فإنهم يضعون أنفسهم في موقف أسوأ مما هم فيه أمام الشعب اليمني والمجتمع الدولي، وربما يهدرون فرصة ثمينة قد لا تتكرر لاعتبارهم مكوناً سياسياً يمنياً يستطيع ضمان مستقبل سياسي، وسوف يستمر تصنيفهم كمنظمة إرهابية بما يترتب على ذلك من تبعات. ومن ناحية أخرى فإن الأهم من حضورهم أو عدمه هو التفاف بقية المشاركين في المشاورات من كل الأطياف اليمنية حول مشروع وطني موحد وواضح وتأجيل كل الاختلافات الفرعية إلى وقت لاحق، فإن حضر الحوثيون سيواجهون جبهة وطنية موحدة قوية ذات هدف أساسي مشترك، وإن رفض الحوثيون الحضور فسوف يواجهون أيضاً موقفاً موحداً فيما بعد، وذلك ما يجعل الذين سيشاركون في المشاورات أمام مسؤولية وطنية كبرى في لحظة تأريخية فارقة تجاه الشعب اليمني الذي لم يعد يحتمل المزيد من المعاناة القاسية. لقد قدم مجلس التعاون الخليجي مبادرته كأحد أسس الحل اليمني في بداية الأزمة، وما زال حريصاً على أمن واستقرار وسلام اليمن عبر جهوده المستمرة، وها هو اليوم يقدم ويرعى فرصة ثمينة للأشقاء اليمنيين بكل مكوناتهم لإنقاذ وطنهم، نأمل ألّا يهدروها.