تقود دول مجلس التعاون الخليجي جهود سياسية ودبلوماسية لجمع الأطراف اليمنية بمختلف التوجهات والأطياف السياسية والاجتماعية من أجل إجراء مشاورات جادة في العاصمة السعودية الرياض. وقال مسؤول خليجي إن دعوة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لعقد مشاورات يمنية - يمنية برعايتها في مقر الأمانة بمدينة الرياض، وبمشاركة جميع الأحزاب والقوى والشخصيات المستقلة، بمن فيها الحوثيين تأتي امتداد لجهود دول المجلس لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، ودعم الشعب اليمني تنمويا وإغاثيا وإنسانياً. ومنذ بدء الأزمة اليمنية في سبتمبر من العام 2014، ظلت دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية تراهن على إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، وترى أن الحل بيد اليمنيين أنفسهم، وأجرت دول المجلس عدة محاولات لجمع الأطراف اليمنية ورعاية المفاوضات السياسية انطلاقاً من قناعة خليجية بوجود إمكانية للوصول إلى تسوية سياسية وحل سلمي شامل عبر المشاورات والحوار بين اليمنيين برعاية خليجية وأممية. ويقول مسؤولون في مجلس التعاون الخليجي إن انعقاد المشاورات اليمنية - اليمنية في الرياض يأتي إنفاذاً لمقررات البيان الختامي للدورة الثانية والأربعين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتهدف مقررات القمة الخليجية إلى توحيد كلمة اليمنيين كافة، وإنهاء الأزمة المستمرة منذ ثمان سنوات عبر الحوار بين جميع القوى والمكونات اليمنية، للوصول لحل سياسي شامل. يشار إلى أن البيان الختامي للدورة الثانية والأربعين لمجلس التعاون لدول الخليج أكد على مواقفه وقراراته الثابتة بدعم الشرعية في اليمن، ممثلة بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وحكومته، لإنهاء الأزمة اليمنية، والتوصل إلى حل سياسي، وفقاً للمرجعيات المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، بما يحفظ لليمن الشقيق وحدته وسلامته واحترام سيادته واستقلاله ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية. وتمنح دعوة دول مجلس التعاون الخليجي الحوثيين فرصة لتحكيم العقل ووقف الحرب الدموية وانقاذ الشعب اليمني عبر معالجة الوضع الانساني المتدهور، كما تعطيهم فرصة للاندماج ضمن الشعب اليمني ومكوناته وفي أن يكونوا شركاء في تحقيق الاستقرار والسلام ورفع مصالح اليمن فوق الحسابات الطائفية ومراجعة حالة التبعية للأجندة الإيرانية التخريبية. وتحمل دعوة مجلس التعاون الخليجي في مضمونها تأكيد دول المجلس على استمرار دعمها للشعب اليمني وحكومته الشرعية، ودعم المرجعيات الوطنية والدولية والأممية، والتزامها بدورها الإنساني المساند والساعي للتخفيف من معاناة اليمنيين ودعم كل جهود السلام والأمن والاستقرار في اليمن والانتقال إلى مرحلة جديدة لتنمية وتحسين معيشة الشعب اليمني. وبذل مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهودا حثيثة ومستمرة لحل الأزمة اليمنية ومعالجة تداعيات الحرب الانقلابية، ووقف عملية الانهيار التي طالت الأوضاع الاقتصادية والخدمية والإنسانية. وتمثلت أبرز جهود مجلس التعاون في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي مثلث - حين إطلاقها في العام 2011 - عاملاً أساسيا في مساعدة الأشقاء اليمنيين وحقن دمائهم، ومنع انزلاق اليمن نحو الفتنة والفوضى، وتحقيق انتقال سلمي وسلس للسلطة. ودعمت دول مجلس التعاون الخليجي جميع المبادرات الإقليمية والدولية الداعية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، ومنها مؤتمر جنيف في العام 2015 ثم أعلنت مساندتها ودعمها للمشاورات اليمنية - اليمنية التي جرت الكويت خلال العام 2016 وبذلت جهود دبلوماسية انبثقت عنها اتفاقية ستوكهولم في العام 2018 إلى رعاية اتفاق الرياض في 2019. يُذكر أن المملكة في مارس الماضي أطلقت مبادرة لوقف إطلاق النار وبدء مشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي شامل برعاية الأممالمتحدة، استنادا على مرجعيات مخرجات الحوار الوطني اليمني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216، كما تضمنت المبادرة مجموعة من الخطوات الإجرائية شملت فتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الوجهات المباشرة الإقليمية والدولية، وفتح ميناء الحديدة مع إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من الميناء في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم 2019 بشأن الحديدة. كما أسهمت دول الخليج بدور كبير في تخفيف المعاناة عن الأشقاء اليمنيين. وتجسد ذلك في ما حققته الجهات المعنية بالجهود للإنسانية مثل مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، ونظرائه في دول الخليج العربي (مؤسسة قطر الخيرية، الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، المؤسسة الخيرية الملكية في البحرين، الهلال الأحمر الكويتي، والهلال الأحمر الإماراتي) من مساهمات إنسانية لتلبية احتياجات أبناء الشعب اليمن. وقال مسؤول في الرئاسة اليمنية ل"الرياض": "المساع الدبلوماسية التي يقودها مجلس التعاون الخليجي، تأت في سياق جهود المجلس لوقف الحرب الانقلابية المدمرة ومعالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عنها، وإنقاذ الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة". وأوضح أن الحكومة اليمنية ودول مجلس التعان الخليجي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية على السلام وتبنت مبادرات عدة دعت إلى وقف الحرب طيلة السنوات الماضية، كان آخرها مبادرة المملكة لإنهاء الأزمة اليمنية، في مارس من العام الماضي، وأعلنت مساندتها لكل الجهود الدولية والأممية الساعية لوقف الحرب، ورحبت بجهود ومقترحات المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، ومقترحات المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن. وقال محللون يمنيون خلال حديثهم ل"الرياض": "دول مجلس التعاون الخليجي نقلت كرة السلام إلى الحوثيين عبر دعوة الأمانة العامة للمجلس لإجراء مشاورات بين الأطراف اليمنية لإنهاء الأزمة ووقف الحرب والتوصل لحل سياسي شامل يوقف سيل الدم وينقذ الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والخدمية في البلاد". ويرى المحلل السياسي اليمني مجاهد الصلاحي أن دعوة الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بمثابة فرصة مهمة للحوثيين لمراجعة مواقفها المتصلبة ومراهنتها على الحرب والعنف، كما أن الدعوة تمنح الحوثيين فرصة للتصالح مع الشعب اليمني بكافة مكوناته ولفك تبعيتهم الكاملة للنظام الإيراني والتي لم تجلب لليمن سوى الدمار والخراب وأوقعت الحوثي في عزلة شعبية ووطنية وعربية.