أكد أستاذ واستشاري غدد الصماء والسكري لدى الأطفال بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا، أن هيمنة التقنيات والأجهزة الإلكترونية أدت في وقتنا الحاضر إلى تراجع جودة الحياة عند معظم الأطفال اليافعين والمراهقين، مبيناً أن معظم الأسر بدأت تلمس الآن أن أبنائها يقضون ساعات طويلة جداً وراء هذه الأجهزة أكثر من أي وقت مضى سواء في الألعاب أو مشاهدة اليوتيوب، والتصفح، ومخاطبة الأصدقاء مع تجاهل كل الوسائل البديلة الأخرى التي تساعدهم في استثمار أوقاتهم بالشكل الصحيح. وقال «الأغا» إن المشكلة ليست في هذه التقنيات، وإنما في التعامل معها، وبالطبع مع ضعف أو غياب الرقابة الأسرية فإنه يصعب السيطرة على الأبناء بعد وقوع الفأس على الرأس، وبالفعل قد لاحظت معظم الأسر في أبنائها العزلة عن محيط الأسرة والمجتمع، انخفاض مستويات الذكاء الاجتماعي، وازدياد حالات فرط الحركة، قلة التركيز، انخفاض مستويات الدراسة والتحصيل العلمي، بجانب أمور متعلقة بالصحة مثل السمنة المفرطة، فقدان الشهية التام، التدخين، العنف الجسدي واللفظي، وكل هذه الأمور يجب مواجهتها لا تجاهلها. وتابع أن أبرز الإشكالات التي بدأ أطباء الأطفال رصدها الآن هي قلة ساعات نومهم بسبب السهر على هذه الأجهزة وخصوصاً أيام الإجازات، وهذا الأمر يؤثر سلباً على نموهم الجسدي أيضاً، فهناك هرمونات تفرز ليلاً لها دور مهم في نمو الأطفال، إذ إن الأطفال قد يجهلون أو يتجاهلون أهمية هذه الهرمونات التي تعمل في أجسادهم لتنظيم إيقاع الساعة البيولوجية ونمو أجسامهم، فيحرمون أجسادهم من هذه الهرمونات المهمة بسبب السهر إلى ساعات متأخرة، وهنا يحدث الاختلال في إفراز هذه الهرمونات، ويصبح الطفل بعد الاستيقاظ من نومه منقلب المزاج، غير نشط، يعاني من الخمول والكسل، عكس الطفل الذي ينام مبكراً ويستيقظ مبكراً وقد نال كفايته من ساعات النوم، وهنا يأتي دور الأسرة في تعريفهم بأهمية الهرمونات في حياتنا ومخاطر السهر، وخصوصاً هرمون النمو الذي يكون إفرازه في الليل أكثر منه في النهار، وإفرازه خلال الليل في ساعات النوم تكون أكثر من ساعات اليقظة، وكذلك في النوم يكون في مرحلة النوم العميق إفرازه أكثر من النوم الخفيف، وهرمون الميلاتونين وينتج في الغدة الصنوبرية للمخ في الليل لأن هذا الهرمون لا يفرز في الضوء، وهو المسؤول عن تنظيم دورات النوم وتنظيم الساعة الداخلية لجسم الإنسان. ونصح «الأغا» أولياء الأمور أن يتعاملوا مع أبنائهم كأصدقاء وأن لا ينعزلوا عنهم في ظل الثورة التكنولوجية التي نشهدها، فلا بد أن تكون الأسرة قريبة من أبنائها في كل الجوانب النفسية والصحية والاجتماعية، وأن تتعامل مع أبنائها بلغة الحوار والتفاهم لا رفع الصوت والزعيق أو الضرب، فكل ذلك يولد شخصية عدوانية، مع حث الأبناء على اتباع السلوكيات الصحية التي تساعدهم على النمو الصحيح وتبعدهم عن مخاطر الأمراض وخصوصاً السمنة والسكري النمط الثاني، ونصحهم على ممارسة الرياضة يومياً، كما انصح «بغض النظر عن ساعات التعليم المخصصة» هو السماح لهم بساعتين فقط يومياً لاستعمال الأجهزة الإلكترونية، مع اختيار الألعاب الإلكترونية والبرامج الملائمة لعمر الطفل، وعدم السماح باستعمال الأجهزة الإلكترونية في غرف النوم، مع أهمية زرع وغرس أهمية الوقت وكيفية إدارته بالشكل الصحيح في نفوسهم، فتنظيم الوقت يترتب عليها نجاح جميع الأمور الأخرى، وهذه مسؤولية الأسرة في المتابعة والتوجيه.