حيث تقوم معجزات الأمم يقف التاريخ ليقول كلمته، جازماً وحازماً وحكيماً. يقول كلمته الخالدة التي تعود لتشرق ولو بعد حين، لتروي الحكاية غير المسبوقة أمام أجيال جديدة لم تشهد لتعرف، إنما خبرت المنجز ميلاداً ومعايشة. هكذا تحدث التاريخ في كلمات وأسطر الأمر الملكي الكريم: يكون يوم 22 فبراير يوماً لذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية. هنا، اليوم ومنذ ثلاثة قرون كاملة، كتبت أولى الأسطر بدأب يفوق الوصف، وبصبر لا يطيقه سوى الرجال العظام الذين على أيديهم تكونت المعجزة، أئمة وملوكاً ومواطنين، حاملين على عواتقهم قيم ماضيهم وإباء أرضهم، إلى مستقبل تخيلوه ليكون. لقد كانت أولى لبنات التأسيس منذ الإمارة المبكرة، إلى الدولة القوية، وصولاً إلى المملكة الحديثة الراسخة. ليست إلا الفكرة التي وجدت لتبقى، والمشروع الأصيل الذي قاوم المصاعب ودحر ظنون الأعداء، والوطن الجامع لمواطنين متكاتفين، تحت راية من القيم النيرة، ومعاني الأمن والسيادة والنمو. يقول لنا التاريخ إن الدولة السعودية الأولى كانت فكرة الدولة المرتجاة بعد قرون من الفرقة والتشتت، التي أنشأها إمامنا محمد بن سعود، في الأرض التي استعصت على كل مستعمر واستبسلت أمام التربص الواسع وتقلبات عالم ذلك الوقت، وهي ضامن الاستقرار التوافقي الذي قل أن سبقه ضامن مماثل، والتي عادت سريعاً بعد سبع سنوات على يد إمام تاريخي آخر في سلسلة من رجال عظام هو الإمام تركي بن عبدالله بن محمد سعود، ثم بعثت ثالثةً على يد سليلهما الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ملك المملكة وفارس الجزيرة، الذي أرادها وطناً جامعاً، ودولة مؤسسات مستقبلية، وعامل استقرار لا يحتاجه أبناؤها فقط. بل العالم أجمع. يقف التاريخ ليقول كلمته هنا، اليوم، وعلى بعد ثلاثة قرون كاملة، ليشهد أن المملكة خاضت أيامها ومشاهدها ببطولة واقتدار، ليعيد تذكيرنا بالقيم الأولى التي أنشأت ما نراه من رسوخ وسيادة لا فضل فيها إلا لله ثم لأئمتها وملوكها وأبنائها. يقول التاريخ كلمته على لسان ملكها، سيدي خادم الحرمين الشريفين، وولي عهدها، وعلى لسان مجريات كل حدث دولي وإقليمي يحضر وطني، المملكة العربية السعودية، فيه عامل اتزان واستقرار وسلام، وميزان وسد أمام دعاة الفوضى الطارئة. وفي رؤيتها المستقبلية التي تلهم العالم فيكون اقتصادها وعقدها المجتمعي وفرص مستقبلها وقدرات أبنائها إلهاماً للعالم أجمع. إنها ثلاثة قرون من القيم والرسائل، والتضحيات والبطولات، والعمل والإخلاص، خلف وطن عظيم نعيشه اليوم ويحمل تطلعنا للمستقبل.