كنت بين الفترة والأخرى أفكر في أحجام الناس وتناقص أطوالهم، خصوصاً عندما يمر بي حديث أن آدم عليه السلام كان طوله 60 ذراعاً في السماء، وأن الناس بدأوا يتناقصون بعد ذلك. وأثناء قراءاتي المتفرقة كنت أحاول التأمل والجمع بين الأمور والوقوف مع الفوارق، ولعلي هنا أذكر وقفات يسيرة في هذا الموضوع. العهد النبوي وصحابته وأمم فارس والروم ومصر والهند وغيرها، منذ 1400 عام، كان أحجام البشر بنفس أحجامنا بين الطويل والمتوسط والقصير، ودلت المكتشفات والآثار والبنايات على ذلك. كذلك هو حال الناس قبل 4000 سنة، يدل على ذلك مقام إبراهيم عليه السلام أمام الكعبة، فأقدامه بنفس حجم أقدامنا، ومثلها أحجام المومياوات الفرعونية. ومن خلال كربون 14؛ فإن مومياء رجل الثلج المكتشفة في جبال الألب عمرها 3400 سنة قبل الميلاد، وكان طوله 160 سم. بل إن مومياء كهف الروح بالكربون المشع وجدوا أن عمرها 9200 سنة، وهي توافق أحجام الناس الذين كانوا في كوبيكلي «تبه» في تركيا التي تعود إلى 11 ألف سنة قبل الميلاد، وهي بنايات عادية لا تدل على أن الناس كانوا عمالقة. ولو رجعنا إلى الوراء أكثر فإن مستحاثة صبي توركانا، وهو طفل سنه بين 7 - 11 سنة، فبقياس الإشعاع فإنه يعود إلى مليون وستمائة ألف سنة، وطوله مثل طول أطفالنا. هذه الإلماحة السريعة نخلص من خلالها إلى أن البشر منذ ملايين السنين كانوا بنفس أحجامهم الآن، وأنه إن صح الحديث بأن آدم عليه السلام كان طوله 60 ذراعاً في السماء فإن هذا دليل على أن تاريخ البشرية قديم جداً منذ أن عمروا الأرض، فمنذ مليوني سنة كان طول الناس بنفس طولهم الآن، ولكي يكون طولهم 60 ذراعاً - قرابة 30 متراً- فإن نسبة التناقص تحتاج إلى ملايين وملايين من السنين والآماد والحقب والدهور الغابرة ليصل طول الإنسان إلى 170 سم.