مراكز الأحياء في الطائف يعدّها البعض بيئة غير جاذبة تدار بالاجتهادات وحسب المتاح ما أفقدها تأثيرها في تحقيق قيمة مضافة في نوعية البرامج وبالتالي عدم تحقيق رسالتها المأمولة. وتكشف دراسة ماجستير أعدتها الأكاديمية في جامعة الطائف هناء عبدالرحمن الثبيتي، عن عثرات المراكز ومقترحات لتفعيل دورها المأمول والمرتقب. أما الدكتورة زكية القرشي (عضو سابق بمركز حي) فترى أن المراكز كي تنجح لا بد من وجود استراتيجية وخطة عمل واضحة تتناسب مع وضع الأحياء التي أنشئت من أجلها، وأن يكون منسوبوها متفرغين للعمل الإداري، ومن الخطأ جعل مركز الحي موقعاً لإقامة الفعاليات حتى لو كانت تحت مسمى مبادرات، لأن المبادرة يجب أن تكون لها أهداف، غير أن الحاصل وجود مبادرات لكن دون هدف بل مجرد فعالية لتوزيع الهدايا وبهرجة إعلامية. تحسين جودة الحياة ترى الدكتورة زكية القرشي أن المطلوب من مراكز الأحياء خدمة المجتمع بما تعنيه الكلمة من معنى وألا تقتصر على فعاليات وسلال رمضانية، وعلى القائمين على المراكز الإلمام بالحي وسكانه وسلبياته وملاحظاته، وأن يناط له جزء من المسؤولية الاجتماعية ودور في تحسين جودة الحياة. وتتساءل الدكتورة القرشي: هل يعقل أن مركز الحي لا يعرف التلفيات أو التشوه أو النقص في الخدمات؟ نلاحظ الشوارع مكسرة وسيئة النظافة، وإن كان ذلك من مسؤولية أمانة الطائف في جانب التنفيذ إلا أن من واجب المركز البحث وإيصال الرسالة للأمانة. في السابق كان العمدة هو المسؤول ويقدم كل ما يحتاجه الحي وحالياً أضحى دوره محدوداً لذلك يفترض على مراكز الأحياء القيام بواجبها في خدمة المجتمع وتنفيذ برنامج جودة الحياة. «حالياً توجد مراكز مغلقة بالأيام وتمتد لأسبوع لا تفتح إلا لفعالية أو سلة غذائية وهذا ليس دور مركز الحي.. لكي نرتقي بالطائف لا بد أن يكون لمراكز الأحياء دور في الارتقاء». من جانبه، يضيف المتطوع منصور الطويرقي أن تطوير مراكز الأحياء يكون بتكاتف الجميع والإخلاص في العمل وتبادل الأفكار التى تسهم في التطوير والنجاح لتكون الأحياء تنافسية تقوم بأداء مهمتها على أكمل وجه، والمأمول في هذا الشأن تخصيص جوائز مشجعة لأفضل مركز حي. «أنا وش استفيد»؟ عبدالله هوساوي المتطوع بأحد مراكز الأحياء، انطلق من مقولة «أنا وش مستفيد؟» التي يسمعها من الأشخاص الذين يطلب منهم العمل بالمركز. يقول هوساوي: في اعتقادي، لتكون المراكز جاذبة يجب استحداث برامج تضم الأسر بأفرادها إلى المركز وإشعارهم بالانتماء والاستفادة من كل شخص يكون لديه شيء يقدمه، إضافة إلى توظيف الأشخاص بشكل رسمي في المراكز حتى يكونوا متفرغين للعمل. ويمكن الاستفادة من الكوادر عن طريق الانتداب من وظائفهم، وتوفير الدعم المادي لإقامة الأنشطة والبرامج وتغطيتها إعلامياً إذ إن كل ما يقدم حالياً عبارة عن مجهودات فردية تشكر عليها، فالمراكز تحتاج بالفعل إلى دعم بأحدث الوسائل والأجهزة لتجهيز مركز متكامل يواكب التطور مع متابعة المميزين والمنجزين في الأحياء وتكريمهم نهاية كل عام. صور وسنابات لا تفيد محمد علي ناجي (مدير مركز حي سابقاً) يشير إلى أن مراكز الأحياء في الواقع لا تزال بحاجة للكثير من المتابعة والدعم المادي لتحقق الهدف من إقامتها.. والمطلوب تفرغ الأعضاء لإدارة المراكز، وهذا أصبح مطلباً ملحاً كون أغلب الأعضاء موظفين فالمراكز ليس لديها الجديد لتقدمه، وحتى الآن لم تلامس حاجة سكان الأحياء، ونتطلع لعملية تطوير شاملة تتناسب والأهداف بعيداً عن المحسوبيات، أسوة بجمعيتي جدة ومكة المتطورتين اللتين تجدان مساندة من الجهات الحكومية والتجار. وأشار ناجي إلى أن 90% من تجار الطائف لم يشاركوا في المبادرات، وأغلب الأعضاء كبار في السن يفترض أن يكونوا مستشارين، وحالياً تقام مبادرات لا معنى لها، مؤكداً أن التركيز ينصب على التقاط الصور والسنابات وتقديم الهدايا دون النظر لما يخدم السكان. الرؤساء والأعضاء وجهاء وأعيان خالد محمد الثقفي (الأمين العام لجمعية مراكز الأحياء بالطائف) يقول إن السعي مستمر في مجال التطوير والتحديث من خلال الخطط الاستراتيجية حتى عام 2019 إذ بدأ العمل في إعداد استراتيجية الجمعية الجديدة بمشاركة منسوبي الجمعية والجهات ذات العلاقة وخرجت الاستراتيجية بثوبها الجديد وتم اعتمادها ل10 سنوات (2020-2030) وشكّل لذلك مكتب خاص. وفي فرع الجمعية بالطائف تمت مواكبة الاستراتيجية من خلال الأمانة العامة ومن خلال مراكز الأحياء التي يبلغ عددها 11 مركزاً، وتم إرسال الخطة العامة للمراكز وطلب من كل مركز رفع خطة خاصة به ومن ثم يتم رفع ما تضمنته الخطة من برامج وأنشطة للجمعية خلال عام كامل لإمارة المنطقة عن طريق المحافظة لاعتمادها وبعد ورود الموافقة يتم التنفيذ. وفي ما يخص المراكز داخل الأحياء أوضح الثقفي أنه يتم الرفع للأمانة العامة بما يحتاجه الحي من خدمات بلدية أو غيرها لتتم مخاطبة المحافظة للتوجيه للجهة المختصة ويسعى رؤساء المراكز والأعضاء وهم من وجهاء الحي ويعملون متطوعين على إيجاد الرعاة والداعمين للبرامج. الباحثة هناء الثبيتي تقترح: ضمّوها ل«الترفيه» أكدت الأكاديمية في جامعة الطائف هناء عبدالرحمن الثبيتي في دراسة أجرتها على مراكز الأحياء لنيل درجة الماجستير، ضرورة إصدار دليل ترفيهي لفعاليات المراكز، مؤكدة أن غياب آليات تصميم الأنشطة الترفيهية المقدمة في مركز الحي النموذجي يشكل صعوبة في تصميم أنشطة ترفيهية متنوعة تلبي رغبات المستفيدين. وأشارت إلى غياب الدراسات واستطلاعات الرأي التي تهتم باحتياجات الأفراد الترفيهية في المراحل العمرية المختلفة ما يؤدي إلى عدم رضى عن الأنشطة الموجودة وبالتالي ضعف الإقبال عليها. كما لفتت إلى أن قلة عدد مراكز الأحياء النموذجية تحد من تقديم انشطة متنوعة وشاملة لكافة أفراد الأسرة والمجتمع ما ينعكس على الإقبال على المراكز وأنشطتها كما يؤدي إلى تقليص أهمية وأدوار المراكز في تنمية المجتمع وتطوير مهارات الأفراد. وأشارت الثبيتي إلى محدودية الأنشطة والبرامج الترفيهية وعدم وجود معلومات كافية مطبوعة أو إلكترونية عن أنشطة المركز وخدماته التي ستقام أثناء المواسم المختلفة، وضعف الوسائل الإعلانية التي تستخدمها مراكز الأحياء في الإعلان عن برامجها وخدماتها، كل ذلك تسبب في ضعف الاستفادة من أنشطتها وخدماتها، وعدم فاعلية المركز في تحقيق أهدافه. وطرحت الثبيتي في بحثها عدداً من المقترحات أبرزها إجراء بحوث مسحية تهدف إلى حصر الاحتياجات الترفيهية، وإجراء بحوث وصفية تهدف إلى الكشف عن الاحتياجات التدريبية للقائمين على إعداد الأنشطة في مراكز الأحياء، وإعداد بحوث تجريبية للتحقق من فاعلية الدليل الإرشادي المقترح على تحسن مستوى الأنشطة في حال قامت مراكز الأحياء بتطبيقه، وإعداد خطة لتوحيد الجهود بين نوادي الأحياء ومراكز الأحياء، وبالتالي الاستفادة من المباني والأعضاء والعاملين والميزانيات المالية، مع دراسة مدى إمكانية ضم مراكز الأحياء تحت مظلة الهيئة العامة للترفيه، بحيث يمكن تنفيذ الأنشطة الترفيهية والفعاليات التي تقدمها الهيئة العامة للترفيه في تلك المراكز. ومن المقترحات التعاون بين المدارس ومراكز الأحياء لدعم الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم أو ضعف في التحصيل الأكاديمي، وإجراء بحوث مشابهة في بيئات جغرافية مختلفة باستخدام منهجيات أخرى. وأوصت الباحثة بأهمية الاستفادة من متخصصات العلوم الأسرية في إعداد الأنشطة الترفيهية في مراكز الأحياء إذ إن الخلفية المعرفية لمتخصصات العلوم الأسرية تهتم بتنمية المهارات الحياتية التي تعتبر من أهم الأهداف التي يسعى الأفراد إلى تعلمها واكتسابها. وخرجت الثبيتي في رسالتها بحزمة أخرى من التوصيات أبرزها الاستفادة من تصنيفات المهارات الحياتية التي تم التوصل إليها من خلال البحث في تنفيذ برامج وأنشطة ترفيهية والاستفادة منها في تصنيف وتبويب أنشطة الدليل الترفيهي أو الموقع الإلكتروني، وتفعيل الأنشطة الترفيهية التي تم تصميمها وتطبيقها في مراكز الأحياء النموذجية، ومراقبة ورصد مدى الإقبال عليها للاستفادة منها، وتطبيق آلية تصميم الأنشطة الترفيهية المقترحة لتصميم أنشطة وبرامج المراكز، ومراقبة وتقييم مدى جدوى فاعلية الآلية، وإصدار دليل ترفيهي قد يكون موسمياً أو شهرياً لتوضيح أنشطة وفعاليات المركز، مع ضرورة الاهتمام بالوسائل الإعلانية المستخدمة في نشر نشاطات وفعاليات المركز، وتفعيل المواقع الإلكترونية لمراكز الأحياء ليتمكن المستفيد من الاطلاع على الأنشطة والفعاليات والتسجيل والاشتراك وتقييم الأنشطة التي تمت ممارستها، لتسهيل طرق التواصل مع المستفيدين والتعرف على مدى رضاهم عن الأنشطة التي سبق ممارستها.