بعدما أدركت أنه «سرطان» يتفشى تحت عناوين مضللة مختلفة ما بات يهدد «القارة العجوز»، أخيراً انضمت بريطانيا إلى الولاياتالمتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي لمطاردة جماعات الإرهاب في خطوة تحمل رسالة قوية مفادها أن المجتمع الدولي بات ضد التنظيمات العابرة للقارات وفي مقدمتها جماعة «الإخوان» وأجنحتها. فتصنيف دول عدة ل«حماس» و«حزب الله» منظمتين إرهابيتين، وتشديد الخناق على تلك المليشيات المنبوذة، يؤكد للعالم أن «الإخوان وحزب لله» وجهان لعملة واحدة هي عملة الفوضى والخراب والإرهاب، وهو ما كشفت عنه وثائق مسربة للاستخبارات الإيرانية نشرها موقع «إنترسيبت» الأمريكي. ورغم التباين الطائفي والمذهبي، فإن ثمة علاقة معقدة بين إيران و«الإخوان»، فأدبيات سيد قطب تعد مرجعاً للثورة الإيرانية، ويبدو أن فكرة «المرشد» لدى الجماعة أحيت نظرية ولاية الفقيه من جديد، وهكذا أضحت طهران مرجعاً وملاذاً آمناً للتنظيمات الإرهابية أيّاً كان مذهبها. «الإخوان والجناح الإيراني مليشيا نصرالله» في عين العاصفة، هكذا يجمع مراقبون سياسيون على أن المرحلة القادمة ستشهد الحد من أنشطة التنظيمين الإرهابيين ولجمهما سياسياً وإعلامياً مقدمة لقطع دابرهما في ظل تنامي التهديد الذي يمثلانه إقليمياً ودولياً. الإجراءات الرسمية الدولية رسالة إلى كل التنظيمات المتطرفة بأن القادم أمر، وبأنه لا تهاون من الآن، وأن سياسات وإجراءات مشددة سيتم فرضها لملاحقة عناصر وقيادات التنظيمين، هذه الرسالة ليست ل«الإخوان أو حزب الله» وحدهما، بل لعواصم أخرى، فحواها أنه ينبغي عليها ألا تسمح بنشر التطرف والإرهاب اللذين يعاني من ويلاتهما المجتمع الدولي بأسره، وأنه يجب عليها أن تنضم إلى هذا التوجه العالمي في ملاحقة فلول جماعات العنف والإرهاب، كما أنها رسالة أيضاً إلى تيار «الإسلام السياسي» بأن لا حاضنة ولا ملاذ آمناً له بعد اليوم، وأن حكومات العالم بصدد بلورة إستراتيجيات للحد من أنشطة تلك التنظيمات، بعد أن عاثت فساداً في الأرض. من المؤكد أن القرارين الأخيرين لبريطانيا وأستراليا ومن قبلهما وبعدهما طرد أنقرة لقادة وعناصر «الإخوان» ستكون له تداعيات بالغة الخطورة على مستقبل التنظيمات الإرهابية، وهو ما بدت تظهر نتائجه في حالات الانقسام والانشقاق التي تعصف بالجماعة الإرهابية، خصوصاً مع تصاعد الخلافات التي دخلت مرحلة «كسر العظم» بين جبهتي إسطنبول برئاسة الأمين العام السابق محمود حسين، ولندن بزعامة القائم بأعمال مرشد الجماعة إبراهيم منير، وهكذا سقطت الجماعة أخلاقياً بعدما انكشفت سياسياً. هذه الخلافات المتفاقمة حول «المال والسلطة والنفوذ» التي خرجت إلى العلن للمرة الأولى في تاريخ «الإخوان»، تشي بأن التنظيم الإرهابي تحت وطأة الضربات الموجعة والهزائم المتلاحقة عربياً وإقليمياً ودولياً، دخل مرحلة من التشظي والتدمير الذاتي جراء الحرب المشتعلة في قمة الهرم السلطوي له، وهكذا تتبدى نذر النهاية ما ينبئ بأن أيام التنظيم باتت معدودة، وأن خريفه آتٍ لا محالة.. السقوط النهائي لجماعات العنف والإرهاب بات وشيكاً جدّاً.. هذه حقيقة نهائية.. وما تبقى مجرد تفاصيل.