هل يتجاوز التوتر المتصاعد بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) حول أوكرانيا «الخطوط الحمراء»؟ أم تنجح الدبلوماسية في نزع فتيل الحرب التي يعتقد مراقبون أن طبولها تدق بعد أن شرعت أوكرانيا الوجود العسكري الغربي؟.موافقة كييف على مشروع قانون يسمح لقوات أجنبية بالمشاركة في مناورات عسكرية، تمثل أحدث حلقات التصعيد مع موسكو، فهل يزيد تعزيز التعاون العسكري مع الدول الغربية وسط تحركات من جانب روسيا والقوى الموالية لها من خطر اندلاع حرب شاملة بين الجارتين؟ ما الذي يجري في منطقة البحر الأسود؟ وهل باتت الأزمة على شفير الهاوية وحدوث صدام عالمي جديد، بعد اتهام أوكرانيالروسيا بنشر نحو 90 ألف جندي على امتداد الحدود المشتركة، تلتها تهديدات أمريكية وغربية ب«عواقب مدمرة» في حال قررت موسكو اجتياح كييف؟ تصاعد التوتر بين أمريكاوروسيا، خصوصا بعد تهديد الرئيس جو بايدن بأن بلاده سترسل المزيد من القوات الأمريكية وقوات الناتو دفاعاً عن أوكرانيا ضد أي هجوم روسي، وتحذير رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال نيكولاس كارتر، من مخاطر أكبر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة، كل ذلك ينذر باحتمالات نشوب الحرب. يعتقد الروس أن تشكيل واشنطن تحالفي «أوكوس» مع أستراليا وبريطانيا، و«كواد» الذي يضم الولاياتالمتحدة واليابان وأستراليا والهند، يمثل جناحا لحلف الناتو في أقصى الشرق، وأنه سيكون بمثابة «كماشة» للإطباق على روسياوالصين. هذه التحالفات تنظر إليها موسكو على أنها معادية وتمثل تحدياً جدياً لأسطول المحيط الهادئ الروسي، ليس هذا فحسب بل تنظر إليها على أنها بمثابة تطور متسارع هدفه خلق كيانات مناوئة لها في الجوار. ويتساءل محلل سياسي: هل التحالفات الأمريكية هدفها روسيا فحسب، أم للضغط على روسياوالصين معا؟ تبدو الشواهد والمعطيات حتى الآن أن واشنطن لن تنساق وراء مطاردة الصين وتجاهل العدو الأخطر وهي «روسيا»، لكن في رأي محللين عرب وروس، فإن واشنطن تبدو بعيدة عن الدخول في مواجهة عسكرية ضد موسكو، خصوصا أنها تدرك جيدا أنها تتمتع بقوة عسكرية لا يمكن أبدا التقليل منها في حال نشوب حرب بين الطرفين. إذن يبقى السؤال: ماذا تريد الولاياتالمتحدة من وراء كل هذا التحركات والتهديدات والمناورات؟ ثمة من يرون أنها تخطط لتفجير نزاع عسكري في منطقة «حوض دونباس» المتنازع عليها شرقي أوكرانيا، وهو ما قاد إلى إيقاف خط «السيل الشمالي-2»، الذي كان مقررا أن ينقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا. واشنطن تخطط بكل قوة لفصل أي تحالف بين موسكو وبكين، ومن هذا المنطلق عقدت القمة الصينية-الأمريكية الأخيرة لتهدئة التوترات بين البلدين والتفرغ الأمريكي لمواجهة روسيا. ولفت المحلل السياسي إلى أن الولاياتالمتحدة تسعى إلى إشغال موسكو على مختلف الجبهات. لكن ما هو رد الفعل الروسي المتوقع؟.. يؤكد المراقبون أن موسكو لن تقف عاجزة في مواجهة كل هذه الاستفزازات الأمريكية والغربية، خصوصا مناورات واشنطن والحلفاء في البحر الأسود التي وصفتها بأنها «استفزازية»، وهو ما يصب الزيت على النار في علاقات روسيا مع الناتو. الكرملين يدرك جيدا طبيعة الدور الأوكراني في الأزمة الراهنة التي تستخدم كورقة للضغط على روسيا، وأنها تواصل سياستها الهادفة إلى تقويض اتفاقيات «مينسك». طلب موسكو الضمانات على توسع الناتو شرقا، والتحذيرات العسكرية لوزارة الدفاع الروسية من أن تكثيف واشنطن وحلف الناتو للأنشطة العسكرية في حوض البحر الأسود، يمثل خطرا على أمن واستقرار المنطقة، يشيان بأن الأزمة بلغت حافة الهاوية، وأن الأصابع على الزناد.. والسؤال الآن: من يطلق الرصاصة الأولى لإشعال الحرب؟.