انطلاقا من ميناء فلاديفستك الروسي المطل على المحيط الهادي وبعمق 900 ميل فى أراضي سيبيريا، أجرت الصينوروسيا مناورات عسكرية ضخمة، تعد الأكبر منذ الحقبة السوفيتية. وهي أكبر مناورات للجيش الروسي منذ 1981، بمشاركة حوالي ثلاثمائة ألف فرد في الخدمة وأكثر من 1000 طائرة و36 ألف مدرعة وعشرات السفن بالإضافة ل3000 جندي صيني. وقالت صحيفة «الواشنطن بوست» في تقرير لها: إن روسياوالصين ترسلان رسالة واضحة لواشنطن من خلال هذه المناورات، وأضافت: إنه تحت الضغط الأمريكي أصبح هؤلاء المتنافسون التاريخيون «الصينوروسيا» حلفاء. وفي فلاديفستك رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيره الصيني شي جين بينج، كضيف رئيس في مؤتمر سنوي ركز على تنمية أقصى الشرق الروسي، وصنعا الفطائر معا على الواجهة البحرية للميناء. وتتعاون الصينوروسيا بانتظام في المناورات الثنائية، لكن هذه هي المرة الأولى التي تدمج فيها موسكو القوات الصينية في تمارينها الاستراتيجية السنوية المخصصة عادة لأقرب حلفاء روسيا، وقد شاركت الطائرات بدون طيار والمظليون والطائرات الحربية المنتشرة في معارك وهمية. وتبرز إضافة الوحدات الصينية تحولا رئيسا لدى اثنتين من الدول، التي طالما اعتبرتا خصمين عسكريين، لكنهما الآن شريكان في مواجهة الولاياتالمتحدة. وقال رئيس إدارة روسيا في برنامج آسيا والمحيط الهادي بمركز كارنيجي في موسكو، ألكسندر جابوييف: يحاول البلدان الإشارة إلى أنه إذا ذهبت الولاياتالمتحدة في سياستها الحالية بعيدا فسوف نقترب أكثر من بعضنا البعض. وتخوض واشنطن حربا تجارية مع الصين وتفرض عقوبات متصاعدة على روسيا، وأعادت إدارة ترامب توجيه إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية نحو «منافسة القوى العظمى» ووصفت الصينوروسيا بأنهما يسعيان إلى تشكيل عالم مناقض للقيم والمصالح الأمريكية. ويقول محللون: إن التوترات المتصاعدة مع واشنطن رفعت قيمة التكنولوجيا العسكرية الروسية وتجربتها في نظر بكين، وبالنسبة لبوتين فإن العقوبات الغربية تجعل القوة الاقتصادية للصين أكثر جاذبية عندما يبحث عن حلفاء جدد. ويقول مايكل كوفمان وهو باحث بمركز التحليل البحري الممول فيدراليا في ارلينجتون، فرجينيا: إن الصينيين يرسلون الآن إشارة مفادها بأنهم لا يرون روسيا على أنها تهديد، ما يجب أن يكون مصدر قلق للولايات المتحدة، وتابع: إنهم يرغبون بشكل متزايد في الإشارة إلى أن المواجهة المتصاعدة مع واشنطن سوف تدفعهم نحو تحقيق توازن أكبر في السلوك مع روسيا. وقال محللون: إن الروابط العسكرية العميقة بين موسكووبكين تعطي الصين فرصة قيمة للوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الروسية، والخبرة القتالية الميدانية لروسيا في سوريا وأوكرانيا. وتخشى وزارة الدفاع الأمريكية من خسارة سباق التسلح فائق السرعة مع روسياوالصين. وبدأت روسيا في السنوات الأخيرة بيع بعض الأسلحة الأكثر تقدما للصين، بما في ذلك صواريخ أرض جو «إس 400» وطائرات «سو خي 35» من الجيل الرابع، وكانت روسيا ترفض بيع هذه الأسلحة المتطورة للصين بسبب مخاوف موسكو من أن بكين تمثل خصما محتملا وأنها ستسرق التكنولوجيا. لكن في خضم نزاع روسيا مع الغرب، تلاشت تلك المخاوف الروسية من الصين غالبا، وقال وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو: لا شك في أن التوترات الدولية ساهمت في تقوية الروابط الروسية مع الصين. ولا يتوقع كثيرون أن تدخل روسياوالصين في تحالف عسكري مماثل لحلف الناتو، لكن البلدين يرسلان إشارة بأنهما يتشاركان في تحالف عسكري في حالة مواجهة لواشنطن تتفق فيها مصالحهما.