«مكافحة المخدرات» تقبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة في الرياض    بحضور اكثر من 11 الف مشجع الأهلي يتغلب على ضمك بثنائية في دوري روشن للمحترفين    بعد فوزه برالي داكار.. «تويودا»: يزيد الراجحي.. أنت بطلي    "اكسبوجر 2025" يعرض قصص ملهمة على شاشته السينمائية    مكاسب الذهب للأسبوع الثامن.. الأوقية عند 2,927 دولاراً    سلوت يعترف بصعوبة مهمة ليفربول أمام باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز    جوارديولا يرفض المقارنة بين صلاح ومرموش    المملكة تحتفل غداً بذكرى يوم التأسيس    هيئة الصحفيين السعوديين تحتفي بهويتها الجديدة في أمسية إعلامية مميزة    وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي    ضبط وافدَين من الجنسية اليمنية لمخالفتهما نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص بالرياض    السعودية للكهرباء و"أكوا باور" توقعان اتفاقية شراء الطاقة لمشروع توسعة محطة القريّة للإنتاج المستقل ب13.4 مليار ريال    بدعم قوة الطلب.. النفط صوب 77 دولاراً    بريطانيا: «التجزئة» لأعلى معدلاتها    السويد تحقق في تخريب محتمل لكابل اتصالات في بحر البلطيق    الأمير فيصل بن سلطان: يوم التأسيس ذكرى وطنية راسخة تعزز مكانة المملكة ودورها الريادي في العمل الخيري والسلم العالمي    خطيب المسجد الحرام: العافية أجمل لباس، وهي لذة الحياة والناس وبغية الأحياء والأموات    خطيب المسجد النبوي: رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب وهذه الإرادة تمتد لتشمل الحياة كلها    رئيس «القيادة اليمني» يُهنئ خادم الحرمين وولي العهد بذكرى يوم التأسيس    الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري SRC تعلن إتمام تسعير أول صكوك دولية بقيمة 2 مليار دولار أمريكي    وزارة الشؤون الإسلامية تنظم ندوة علميّة تزامناً مع ذكرى يوم التأسيس    حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    في محاضرة عن المبادئ الراسخة لتأسيس الدولة السعودية بأدبي جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    «الغالي ثمنه فيه»    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    وطن الأمجاد    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    درس في العقلانية الواقعية    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    حضر بلا داعي وقعد بدون فراش    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة دراكولا
نشر في عكاظ يوم 19 - 11 - 2021

تسدل نظارتها ذات الإطار الأحمر، ومن بين العدستين، شريط لاصق أصفر، تنزلق حتى تقترب من أرنبة أنفها وهي تتابع باهتمام من تلفازها الذي لا يُظِهر موضة مذيعيه، سوى باللونين الأبيض والأسود، هنا تعصر ذاكرتها، تتقافز أمام عينيها مشاهد وأحداث مبعثرة حاولت التقاط بعضها بمشباك الذكريات فرأت «خير اللهم اجعله خيراً» هدية زوجها المتوفى عندما كان يداعبها ذات ليلة قمراء وهو يرفسها برجله هائماً «والله يا أم قُمْرَه لجبلك هدية تفرحين بها وتكيدين أم حوكة» لم تنس عندما ردت عليه وهي تسقط من على سريرها الحديدي -الذي يشبه بقايا سيارة كلما أوقفها قائدها عند الإشارة الحمراء اللعينة، لوى رقبتها بأعجوبة وهي تنثر على الطريق أمعاءها «الله يخليك لي لكن هات إيديك الله ياهبلك في العافية» تذرف من على وجنتيها الواهنتين دمعات متقاطرة لم يبق من أنفاس زوجها سوى هذا التلفاز المهشّم من أطرافه وخصوصا هذا الذي بنظارته السوداء الشمسية ويرسل عبر خطاباته كلمات تُعْجِبها وتُضْحكها «دار دار بيت بيت،» ذات مرة في لحظة بِرٍ من ابنها حاول أن يخرجها من شقتها، ورغم أنه يعرف ردها في كل مرة لكن هذه المرة شك في قواها العصبية وهي تردد كلمات الرئيس فسألها «لماذا يمه تطالعين هذه القناة وعندك قنوات القرآن والسنة» «دار دار زنقة زنقة» يا ولدي هذا الرجل يشبه أبوك، فأصر بعد طول نقاش على التشاور مع إخوته في طارئ زنقة زنقة!!
فقررا أخذها هذه المرة في نزهة برية عائلية كان الفرح يغمر الجميع، أخيرا أُمّهم معهم لأول مرة!
وعندما قرب غروب الشمس طلبت من أحد أحفادها أن يصطحبها ليرها الخلاء المخصص للنساء، ويبدو أن أم قُمْرَة أثقلت معدتها بقهوة لم تنضج بعد وبمعجنات ومكسرات كثيرة حتى أصبحت جاهزة بانفجار «لديتر سيارة لم يبلّ ريقه منذ شهر»، وعندما أسدل الليل رداءه، كل أركب عائلته وأولاده، فانطلقا تاركين وراءهم أم قُمْرَة كل يتوقع أنها مع الآخر، خرجت الأم وثوبها قد انحشر داخل سروالها «خط البلدة» بدكة كبيرة ومطاط بالكاد يمسك خاصرتها الواهنتين، فأخرجته قليلا فتناثر ما بقي معها من حلوى وهي تردد «إلى الأمام بيت بيت»، لم تكمل جملتها هذه المرة!
وقفت مندهشة ولسانها تطوّى والمكان لا يُسْمَع فيها سوى نقيق الضفادع، وصرصار الليل فقالت الله!! تركتوني لوحدي!
التفتت بأعجوبة محاولة تحريك رقبتها فقررت أن تصلي المغرب ملتجئة إلى الله أن يجد لها حلا وفي أثناء دعائها، تسمع أخيراً صوت هرج ومرج فأوجست خيفة، كلما زادت من دعائها ارتفع ذاك الصوت أكثر فأكثر، أنهت صلاتها بصعوبة بالغة حملت عصاتها برفق، بادئة من أسفلها رويدا رويدا حتى استوت في وضع الركوع وبطرفٍ خفي سرقت بصرها إلى هذه الأصوات فماذا أبصرت؟
أربعة شباب يضعون أغراضا وشيئاً مغطى بالسواد أنزلوه من سيارة أحدهم، اقتربت لتتحقق من هذا الأمر، فرأت ما يشيب رأس الوليد، ويحزّ في نفسها، تنافس بينهم الكل يريد أن يقترب منها حتى نزعوا خِمارها وانسلّ شعرها الليلكي على كتفيها، كزرعٍ ينتظر سقيا الجداول ولم تسلم مفاتنها، من عبثهم بأنوثتها، حتى سقطت كشجرة يابسة، كأنها تساق إلى الموت وهي تنظر كحطّاب تصفّد عرقه، يتلهف لتقطيع شجرته!
بنت في عمر ابنتها قُمْرَة ملثمة مكبلة اليدين جاثية على ركبتيها تصرخ وتستغيث..
الخاطفون يهيئون مكانا فرحين، كأنهم حول صيدٍ شبتّ نار حطبه من كل الزوايا ينتظر الضيوف بنهم نضج وليمة، مترقبين التهام فريستهم متسائلين بعد مللٍ متى وقت العشاء؟!
هنا وقفت أم قُمْرَة في حيص بيص ماذا تفعل؟
فتداعى إلى ذهنها فكرة مجنونة، أخيرا وجدت لصوتها الأجش وللون بشرتها فائدة مع هذا الظلام الدامس «والله جبتيها يا أم قُمْرَة» نزعت ملابسها، نثرت شَعْرها كأنه شجرة عرفج ينتظر حرقه في ليلة العيد احتفالا!
وعيناها الجاحظتان تلمعان أشبه بقطة برية جائعة تنتظر خروج فأر بين فترة وأخرى، ركضت باتجاه الخاطفين والمكان تحفّه أضواء السيارات، تُخْرِجُ أصوات رعبٍ مستخدمة إحدى يديها تضربها على حَلْقِها بكفيها الذي يزن اثنين كيلو، بشكل متقطع ومرات منتظم تصرخ مسرعةً إليهم «بيت بيت دار دار زنقة زنقة»، ففزع هؤلاء الشباب كأنهم أبصروا جثة ميتٍ بُعثت أو كفلم مخيف من حكايا «دراكولا»، فهربوا إلى منتصف جبل تاركين كل شيء وراءهم، وأصبحت أم قُمْرَة وجها لوجا أمام المخطوفة التي لم تنبس ببنت شفه سوى «يمه يمه اسم الله عليّه انت أنسية ولاَ جنية»؟
طمأنتها أم قُمْرَة بعد أن سترتها وربّت على كتفها وحلّت قيدها، هنا طلبت بصوتٍ منخفضٍ أن تتصل على الشرطة فأخذت المخطوفة جوالات أحد الخاطفين الملقاة ويداها ترتعشان موجسة في نفسها خيفة وصراع داخلي يتساءل هل أنا أحلم؟
حضرت الشرطة تعاقباً مع أبنائها ولعل الصدفة وحدها هي الحكم الفصل في هذه القضية
وبدون مقاومة تذكر، سلّم الخاطفون أنفسهم وكلما مر أحدهم من قرب أم قُمْرَة نهرته بكلماتها فازدادوا خوفا ويستحثون رجال الشرطة بالمضي سريعا بعيدا عن هذه الجنيّة.
غير أن أحدهم دخل في موجة بكاء وصراخ غريب مرددا بيت بيت دار دار... فسقط على الأرض مصروعا، هنا تقدمت أم قُمْرَة «وش بالأخ سلامات اسم الله عليك»، مكررة تلك الأصوات التي أخرجتها عندما رأتهم فسكن هذا الشاب خوفا من الجنية واقتادوه مع رفاقه، أخذها أبناؤها في مكانٍ قصيّ عنهم، دار نقاش بين الثلاثة، لم يُبْن لأحد بعد وطلب الضابط المكلف بحتمية مجيء أم قُمْرَة معهم لسماع أقوالها وتدوينه كشاهدة على هذه القضية، ففرحت وباركت هذا الطلب -الذي أصرت عليه مع رفض أبنائها- في نظرة مندهشة من الجميع!
هناك انتهت من ذكر شهادتها وطلبت من والديّ الفتاة أن تنفرد بهما فقالت:
بنتكم والله وبالله وتالله إنها شريفة خطفوها غصب عنها لثموا فمها وكتّفوا يديها لكنها حُرّة من ظهر حُر! شكر الجميع أم قُمْرَة..
فقالت: لا تشكروني أشكروا زنقة زنقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.