يخوض الجمهوريون والديمقراطيون كل عام معركة بشأن سقف الديون الأمريكية، وهو الحد القانوني الذي وضعه الكونجرس قبل قرن من الزمن على المبلغ الذي يمكن للحكومة أن تقترضه لدفع مصاريفها. يراقب العالم هذا الحدث، والسبب يعود لكون الكثير من دول العالم تستثمر في السندات الأمريكية الحكومية، لذا إذا لم تسمح الولاياتالمتحدة بمزيد من الاقتراض، فإنها تواجه «كارثة» إما تخفيضات جذرية في الإنفاق أو تخلفًا عن السداد. بشكل عام تخلف الحكومة الأمريكية عن السداد سيكون له عواقب اقتصادية وخيمة تتعلق بارتفاع أسعار الفائدة، ودخول الأسواق في حالة من الذعر وربما كساد اقتصادي. في الوقت الحالي، بلغ دين الحكومة الأمريكية مستويات 28.5 تريليون دولار، أي حوالى 30% من قيمة جميع السلع والخدمات التي سيتم إنتاجها في الاقتصاد الأمريكي هذا العام. حوالى ربع هذه الأموال تدين بها الحكومة لنفسها، حيث تستثمر إدارة الضمان الاجتماعي 2.9 تريليون دولار في السندات الحكومية ويحتفظ الاحتياطي الفيدرالي بأكثر من 5 تريليونات دولار في سندات الخزانة الأمريكية. فيما يبلغ حجم استثمارات الدول الأجنبية والشركات والأفراد 7.5 تريليون دولار من تلك الديون، حيث تعد اليابان والصين أكبر المستثمرين بأكثر من 1 تريليون دولار لكل منهما. والباقي مستحق للمواطنين والشركات الأمريكية، فضلاً عن حكومات الولايات والحكومات المحلية. في المجمل تضاعف الدين الأمريكي 3 أضعاف فقط خلال 15 عاماً. هناك سؤال يتبادر إلى أذهان الكثير وهو لماذا يضع الكونجرس حدّاً للاقتراض؟ الإجابة عن هذا السؤال تتطلب العودة قليلاً إلى الوراء، قبل عام 1917، كان الكونجرس يأذن للحكومة باقتراض مبلغ ثابت لفترة محددة وعندما يتم سداد ذلك المبلغ لا تستطيع الحكومة الاقتراض مرة أخرى ما لم يسمح لها الكونجرس بذلك. في عام 1917 صدر قانون سندات الحرية الثاني الذي ينص على أن الحكومة الأمريكية لها حرية الاقتراض كيفما تشاء دون الرجوع للكونجرس. سن الكونجرس هذا الإجراء للسماح للرئيس آنذاك ويلسون بإنفاق الأموال التي اعتبرها ضرورية لخوض الحرب العالمية الأولى دون انتظار موافقة المشرعين. ومع ذلك، لم يرغب الكونجرس في كتابة شيك على بياض للرئيس، لذلك حد الاقتراض في تلك الفترة ب11.5 مليار دولار مع الرفع إليهم إذا تطلب الأمر زيادة في الاقتراض. تاريخياً تم رفع سقف الدين عشرات المرات منذ ذلك الحين وتم تعليقه في مناسبات عدة كان آخرها في أغسطس 2019.