في ظل عدم اتضاح الرؤية حول مستقبل أفغانستان بعد مرور أكثر من 45 يوما على تكريس حركة طالبان حكمها؛ إلى أين تتجه بوصلة أفغانستان بعد تحفظ بعض الدول ورفض الأخرى لحكومة تصريف الأعمال التي شكلتها طالبان أخيرا، ومطالبتها بتشكيل حكومة موسعة تشترك فيها كافة مكونات التيارات العرقية، وارتفاع وتيرة الهجمات ضد طالبان في جلال آباد بعد تفجير مطار كابول الدولي الذي طال جنودا أمريكيين ومدنيين أفغانا أخيرا واحتشاد قادة دول العالم في مقر الأممالمتحدةبنيويورك، للمشاركة في الاجتماعات السنوية اليوم (الثلاثاء) في الدورة ال76 لجمعيتها العامة، بحضور أكثر من 110 من رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء (193 دولة) تتصدر قضية أفغانستان هذه المرة جدول أعمال الدورة بامتياز بالإضافة إلى موضوعات تغير المناخ وفايروس كورونا. ويشارك الرئيس بايدن شخصيا في الاجتماعين، فيما يشارك معظم القادة افتراضيا. وستعقد قمة مجموعة العشرين قمة استثنائية يوم 30 سبتمبر لبحث الملف الأفغاني.. ويسعى المندوب الأفغاني غلام ايسحاقزاي، الذي كان يمثل الحكومة الأفغانية التي أطيح بها، للبقاء في مقعد بلاده في نيويورك، مطالبا بعدم الاعتراف بسلطة حركة طالبان ومؤكدا أن بلاده تواجه مصيرا مجهولا.ولم تحدد سكرتارية الأممالمتحدة مشاركة المندوب الأفغاني من عدمها كونه لم تعد مرجعية له في الوقت الذي رفضت طالبان الإدلاء بأي تصريحات حيال هذا الموضوع.. وتختلف اجتماعات هذه الدورة عن سابقاتها، فالوضع في أفغانستان المطروح بقوة على طاولة الاجتماعات دخل حالة عدم اليقين والوضع ما زال ضبابيا؛ إلا أن مصادر أممية أوضحت ل«عكاظ» أن اجتماعات الجمعية العامة ستضع النقاط على الحروف حول موقفها ومطالباتها من طالبان، مؤكدة أن الملف الأفغاني سيتحول إلى الحدث الدبلوماسي الأضخم في نيويورك على مدى الأيام القادمة. وتعهد مؤتمر المانحين الذي عقد في جنيف أخيرا بتقديم نحو مليار دولار كمساعدات لأفغانستان، بعد تحذيرات من الأممالمتحدة من «كارثة تلوح في الأفق». من جهة أخرى، تواجه طالبان تزايد وتيرة التفجيرات التي ضربت جلال آباد أخيرا وتبنتها داعش.. وثمة رأي عام لا يستهان به داخل أفغانستان يعتقد أن طالبان ربما تفسح المجال نسبيا للحركات المتطرفة لأن تنفذ بعض التفجيرات والأعمال الإرهابية لتقوم تاليا بمحاربتها والظهور كقوة شرعية تحارب الإرهاب، فتنال بذلك نوعا من القبول الأمريكي والأوروبي، وتوافقا داخليا بشرعية الحركة. إلا أن فريقا آخر يرى أن التنظيمات الإرهابية داخل أفغانستان ربما صارت تتلقى الدعم المالي والعسكري من أجهزة استخباراتية لدول مناهضة لحركة طالبان، وأن هذه الدول ربما ستستخدم تلك التنظيمات لمواجهة الحركة، وبمستويات أكثر كثافة في المستقبل المنظور. ومن وجهة نظر المراقبين فإن سيطرة الحركة عسكريا ربما دفعت التنظيمات إلى تغيير أساس مواجهتها لحركة طالبان، من شكل المواجهة العسكرية المباشرة إلى ممارسة عمليات نوعية ضد الحركة، بهدف استنزافها وإجبارها على الدخول في سلك التفاوض والوصول إلى حلول سياسية مع باقي القوى السياسية الأفغانية.