خيط رفيع يفصل بين الحياة والموت، بين الأمل واليأس، كالنور الذي شع من خلف أسوار قضبان قبع خلفها الشاب بندر بن داخل الحارثي منذ 17 عاماً بانتظار موعد تنفيذ حكم القصاص بحقه، بعد أن أقدم على قتل عبدالله محمد الحارثي، لينقذه من عتمة اليأس، حتى جاءه الفرج بعفو أسرة المقتول عن قاتل ابنهم لوجه الله. وما صاحب تلك اللحظات من صمت وخوف ينتاب السجناء عند النداء عليهم، جاء هذه المرة السجان يحمل بشرى انتظرها الحارثي 17عامت ليبلغه بأن والد القتيل عفا عنه، وسط ذهول من وقع الفرحة التي جعلته يسجد شكرا لله. وعبر الوكيل الشرعي سلطان بن داخل الحارثي شقيق المعفي عنه عن فرحه وشعوره الذي لا يوصف بأمر العفو عن أخيه بندر الذي أمضى في السجن سبعة عشر عاماً. وقال سلطان ل«عكاظ» أمر العفو أعاد الروح لنا جميعا والدعاء الصادق أن يكتب الله الأجر لوالدي المقتول بتنازلهما عن أخي. وأضاف.. تلقينا الخبر في يوم العاشر من شهر محرم حيث رجعت والدة المقتول من المدينةالمنورة لتأخذ زوجها وتتوجه إلى المحافظة ويتنازلان عن أخي. وقال «فرحت والدتنا والعائلة جميعا بهذا الخبر حيث سجدت لله بعد سماع بشرى العفو». واختتم سلطان حديثه بقوله: نشكر أسرة المقتول جميعا على هذا العفو غير المستغرب عليهم، كما نشكر شيوخ وعيان قبائل بني الحارث وأبناء عمومتي وعلى رأسهم الشيخ عبدالله بن دريويش الحارثي وكل من سعوا طيلة السبعة عشر عاماً في هذا التنازل والعفو. من جانبه أعرب أمين لجنة إصلاح ذات البين أحمد بن حسن الزهراني عن شكره وتقديره لوالد ووالدة المجني عليه على هذا العمل الخيري الذي يؤكد حرصهما على كسب الأجر والثواب والعفو لوجه الله تعالى، لافتا أن هذه القضية حظيت بدعم واهتمام من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل الذي يدعم مثل هذه الأعمال الخيرية، لافتا أنه تم التوقيع على محضر الصلح الذي تطرق إلى إنشاء الجامع والإجلاء للقاتل من المدينة. وأشار وكيل محافظ الطائف ناصر بن حمود السبيعي إلى أن هذا العفو لا يستغرب على أبناء المملكة، حيث طلب والد المقتول -رحمه الله- ما عند الله ولم يطلب غير بناء مسجد باسم ابنه. ممتثلا لقوله تعالى «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ»، وشكر السبيعي أسرة القتيل على هذه المبادرة المتميزة، سائلا المولى عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء.