أمريكا، الصين، أستراليا... دول كبرى تواجه مضاعفات تفاقم الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كوفيد-19 العالمي. قد تفرح الولاياتالمتحدة ببلوغها أمس الأول الهدف الذي حدده الرئيس جو بايدن، وهو تطعيم 70% من السكان، على الأقل بجرعة واحدة من لقاحات كوفيد-19؛ وإن جاء متأخراً شهراً عن الرابع من يوليو الماضي، وهو الموعد الذي حدده بايدن، متوافقاً مع الذكرى السنوية لاستقلال الولاياتالمتحدة. لكن تلك الفرحة لا تمنع الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة سجلت عدداً كبيراً من الإصابات الجديدة في 2 أغسطس الجاري، وهو 127976 إصابة، تمثل خُمس إصابات العالم في ذلك اليوم، التي بلغ عددها 556672 حالة جديدة. ولذلك ارتفع العدد التراكمي لإصابات العالم أمس إلى 199.64 مليون إصابة. وإذا حافظ فايروس كورونا الجديد على متوسط تفشيه اليومي، بحدود نصف المليون إصابة، فسيرتفع عدد إصابات العالم منذ اندلاع نازلة كورونا إلى 200 مليون إصابة اليوم (الأربعاء). وتقترب الولاياتالمتحدة من بلوغ 36 مليون إصابة، كما تقترب الهند من 32 مليون إصابة، فيما أضحت البرازيل قاب قوسين أو أدنى من 20 مليون إصابة. وجاء وصول نسبة المطعّمين في أمريكا إلى 70% من عدد السكان، في وقت يشهد تسارعاً في التفشي الفايروسي، وتزايداً في عدد الحالات الجديدة، خصوصاً الإصابة بسلالة دلتا المتحورة وراثياً، التي اكتشفت في الهند في ديسمبر 2020. وبات مألوفاً أن تستمع في نشرات أخبار القنوات الأمريكية إلى تعليمات في معظم الولايات بالعودة إلى ارتداء الكمامات، للمحصنين وغير المطعمين. ويعزو المسؤولون الأمريكيون تسارع تفشي سلالة دلتا إلى كثرة عدد الأشخاص الرافضين الخضوع للتطعيم. وربما لهذا أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية أنها تقوم بمراجعة بيانات لقاح فايزر-بيونتك ب«سرعة وعجلة قصوى» للتوصل إلى قرار بشأن إعطاء موافقتها على استخدام هذا اللقاح بشكل دائم، وليس على سبيل الحالة الطارئة كما هو الوضع حالياً. وكان الرئيس بايدن ناشد الهيئة إعطاء موافقتها الكاملة على اللقاح بحلول سبتمبر أو أكتوبر. ويرى مسؤولو الإدارة الأمريكية أن عدم حصول لقاح فايزر-بيونتك على الموافقة الكاملة هو سبب امتناع كثير من الأمريكيين عن الخضوع له، بدعوى أنهم لا يريدون أن يكونوا «حقول تجارب» للقاح يعطى تحت ضغوط الأزمة الصحية الطارئة. وقال المسؤول الطبي عن مستشفى بابتيست في ميامي الدكتور سيرجيو سيغارا لأسوشيتدبرس أمس: «ما إن نقوم بتخريج المرضى ليعودوا لمنازلهم يعودون إلينا سريعاً وهم أشد مرضاً. وبدأنا نرى عائلات بأكملها تلجأ إلى المستشفى». وكانت مستشفيات ولاية فلوريدا أعلنت أخيراً أنها سجلت زيادة في عدد حالات التنويم بنسبة 140% خلال الأسبوعين الماضيين. وتواجه إدارة بايدن محنة حقيقية تتمثل في رفض معظم ولايات الجنوب الأمريكي التطعيم بلقاحات كوفيد-19. ولذلك لم يحتفل البيت الأبيض (الإثنين) ببلوغ التطعيم نسبة 70% من السكان. وارتفع عدد الحالات الجديدة في أرجاء الولاياتالمتحدة خلال الشهر الماضي ستة أضعاف، بمتوسط 80 ألف إصابة يومياً. وهو مستوى لم تشهد له أمريكا مثيلاً منذ منتصف فبراير الماضي. ورافق ذلك ارتفاع في عدد الوفيات اليومية بالوباء خلال الأسبوعين الماضيين من 259 إلى 360 وفاة يومياً. أما في الصين؛ فقد حكمت السلطات الصحية على ملايين المواطنين بالإغلاق، والخضوع للفحوص، وحظر الرحلات الجوية والبرية. وتحاول الصين سحق أكبر بؤر للتفشي الفايروسي منذ أشهر. فقد أعلنت بكين أنها سجلت 55 إصابة محلية جديدة، وأن سلالة دلتا المتحورة وصلت إلى أكثر من 20 مدينة، وأكثر من 20 محافظة صينية. ووصفت الصحف الصينية التفشي الراهن بأنه الأكبر منذ اندلاع الوباء في مدينة ووهان نهاية 2019. وعزته إلى إصابة عمال تنظيف الطائرات في مطار نانجنغ بالفايروس، عقب قيامهم بتنظيف طائرة ركاب قادمة من العاصمة الروسية موسكو. وأمرت السلطات في مدينة جوجو وسط الصين، التابعة لمحافظة هونان، أمس الأول 1.2 مليون هم سكان المدينة بملازمة بيوتهم لمدة ثلاثة أيام، على أن يتم خلال تلك الأيام الثلاثة إجراء فحص لجميع السكان، وتطعيم أكبر عدد منهم بلقاحات كوفيد-19. وفي أستراليا، تزايد الغضب في نفوس سكان أحياء الشق الغربي من مدينة سيدني، التي تخضع لإغلاق كامل منذ أكثر من شهر. ولا يسمح لهم بالتحرك أبعد من 5 كيلومترات من منازلهم. كما أنهم ملزمون بارتداء قناع الوجه خارج منازلهم في جميع الأوقات. وبدا مشهداً مألوفاً في سيدني أن ترى رجال الشرطة وقوات الدفاع الأسترالية (الجيش) يجوبون الطرقات لإنفاذ الإغلاق. كما أن من المشاهد المعتادة تحليق المروحيات في سماء المدينة لضمان التزام السكان بالإغلاق. وتعتبر ضاحية فايرفيلد، حيث يوجد عدد كبير من العرب، الأشد تضرراً من الأزمة الصحية الراهنة. فقد سجل هذا الحي 852 إصابة جديدة خلال الأسابيع الأربعة الماضية. وقالت السلطات إنها سجلت الثلاثاء 199 حالة جديدة في سيدني، منها 50 إصابة وسط الجاليات العربية والأفريقية المقيمة في فايرفيلد. الوباء يروّع أكبر مدن أفريقيا فيما بدأ الأطباء في المستشفيات الحكومية إضراباً للمطالبة بزيادة أجورهم؛ أعلن حاكم كبرى مدن القارة الأفريقية لاغوس باباجيدي سانو أولو، أمس الأول، أن ستة أشخاص يموتون بكوفيد-19 يومياً في لاغوس. وأضاف أن عدد الإصابات الجديدة في العاصمة الاقتصادية النيجيرية ارتفع بنسبة 8.9% خلال الشهر الماضي. ويبلغ عدد سكان لاغوس نحو 20 مليون نسمة، يعيش معظمهم في أحياء عشوائية مزدحمة تصعب مراعاة التباعد الجسدي فيها. ولم يتم حتى الآن تطعيم أكثر من 1% من سكان لاغوس. وقال الحاكم إن نحو 40% ممن تم تطعيمهم بجرعة واحدة من لقاح أسترازينيكا لم يعودوا للحصول على الرجعة الثانية. وقال سانو أولوسو إن الحكومة الاتحادية وعدت بتزويد لاغوس بكمية كبيرة من اللقاحات خلال الأيام القادمة.