(إدارة الموارد البشرية) ليست مجرد مصطلح افتراضي.. هي منتج فاخر خرج من عمق حركة التواصل الإنساني والعلاقات الإنسانية. تاريخها العريق يؤكد أنها نهج إستراتيجي محترف يرفع الكفاءة والأداء ونسب المنافسة الإيجابية في أي منشأة، هي المنبع والمصب لمهارة المحافظة على سير العمل في بيئة صحية تهتم ب(إدارة الإنسان) داخل المنشأة -بكل مفاهيم هذا المصطلح-. يقول أحد خبراء (إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية): «في العقد الأخير، تم استقطابي للعمل كمدير لإدارة موارد بشرية في إحدى الشركات، كان العرض جيدا فقبلت. عندما استلمت الإدارة كان واقعها غير سار أبدا. كانت تقليدية جدا: هدفها هو تلبية رغبات أصحاب العمل لتحقيق الربح.. ولو على حساب وقت الموظفين وصحتهم وحالتهم النفسية».. «.. كانت الإدارة في الشركة ككل تُمارس حسب الأهواء الشخصية لكل مدير قطاع أو قسم. و(الاهتمام بالإنسان) كان آخر الأولويات. حتى قيم الشركة كانت مجرد مصطلحات تم اختيارها بعناية.. وبعد ذلك لم يعد لكلمة عناية أي علاقة بها». «أول ما بدأت العمل عليه هو دمج إدارة الموارد البشرية في الخطة الإستراتيجية الموحدة للشركة. هذه الخطوة صنعت التناغم في العلاقة بين الموظفين والمديرين والإدارة العليا.. وكافة المنسوبين. فهذا التناغم هو أساس نجاح أي منظمة واستمرارها.. فهو يؤدي لزيادة الإنتاجية.. والربح».. «.. ثم بعد ذلك، عملت على إشراك (الموظف) في ثقافة الشركة ككل، تحت مظلة التفاهم والتعاطف وتلبية الاحتياجات الشخصية والاجتماعية للموظف.. خطوة ذكية جدا لأي إدارة موارد بشرية.. فهي تصنع ارتباط الموظف النفسي بالشركة.. هذا يقلل كثيرا من نسب الغياب العالية ومن معدل الدوران الوظيفي السلبي.. ويحصر نسب الأخطاء والعيوب في المنتج إلى أدنى درجاتها».. «.. تخفيف ضغوط العمل يعتبر مهمة شاقة جدا وطويلة.. لكنها تبدأ بتوفير الأمن الوظيفي. لهذا، أصدرت تعميما يمنع ممارسة التهديد المتواصل بالتسريح».. «.. كما وضعت إستراتيجية إدارية تضمن التحكم في الأهواء الشخصية للمديرين وبعض الأمزجة المتقلبة..». «مهمتي كمدير موارد بشرية هي صناعة التوازن العاطفي والفكري والجسدي للموظف.. وتحسين نوعية حياته الشخصية والعملية.. مع التوفيق بين متطلبات العمل والتحفيز وتخفيف الضغوط التي تقوده للإرهاق.. فاستخراج أفضل ما في الموظف بالتأهيل والتدريب وبرامج التحفيز هو جوهر عملي.. وهو ليس عملا سهلا أبدا».. «.. الموارد البشرية لا يتم تعريفها بما تفعل.. بل بما تقدِّم لمنظومة العمل ككل». إدارة الموارد البشرية هي إدارة التفاؤل والتكامل وتلبية الاحتياجات لكل أطراف المعادلة (أصحاب العمل، والمديرون، والموظفون). إن لم تنجح في تحقيق تلك المعادلة الأساسية، فهي مجرد إدارة شؤون موظفين تعمل لحساب الشركة.. وعلى حساب الموظفين وحساب ثقافة الشركة ذاتها.. هذا يعني أنها تفقد مفهومها ومسماها وأسباب وجودها، وتتحوّل ل(إدارة شؤون موظفين).. تمارس عملها الإداري التقليدي. «.. في نهاية المطاف، استطعنا إيصال حقيقة: أن أهداف الشركة بكاملها؛ بأهداف إداراتها وأقسامها.. لن تتحقق إلا من خلال الموارد البشرية، فالعنصر البشري هو العنصر الأهم في كل هذه المنظومة.. وإعداده بشكل مقنّن وإستراتيجية واضحة يعتبر محور ارتكاز في خطط الشركة الإستراتيجية الحالية والمستقبلية. مجرد إيصال هذه الفكرة لكل المديرين والأقسام والإدارة العليا.. يعتبر بداية التفعيل الحقيقي للإدارة الصائبة لخطط تحقيق المستهدفات».