جملة قالها الكاتب الدكتور (عدي جاسر الحربش) في لقاء ثقافي برعاية مكتبة الملك عبدالعزيز العامة.. تلك الجملة اهتز لها عرش قلبي كما وصفها الدكتور فهد العليان حتى أخذ بياقتي وشعوري وخيالي لرؤية تلك الصورة. كأنه يصف الرجفة في حالة الدهشة، أو يصف حالة التعاطف مع طفل ورجل لا يلاقي والده كثيرًا بحكم عمله وهذا تخمين قد لا يكون صوابًا. ومن جهة أخرى البحث عن دهشة ترافق مسايرة الأب في اختياراته وثقافته، فالابن لا محالة معجب بما يراه ويلمسه من أبيه كهالة عظيمة، النظر إليها امتنان ونعمة، فكيف حين يكون شبيهه وجزءا منه؟ ومن هنا يرسم لنا الدكتور عدي لوحة تشير لأهمية أن ينشأ طفل تحيط به الكتب، ويكبر حتى تصل يديه لأرفف المكتبة المنزلية ليمارس القراءة دون إجبار، بذكاء الوالدين اللذين يمنحان الكتاب والمكتبة سمة بارزة في طقوس العائلة ودعوة غير مباشرة تدفعه لالتهام المعرفة واختزان الثقافة وتكوين الفكر الخاص به. في بداية الحوار عندما سئل الدكتور (عدي بن جاسر الحربش) عن وصف القراءة جاءت إجابته إجابة عاشق هوى به العشق في بحر الكلمات وغرق في موج اللغة ونهل من قصائد الحب. قال: «الحديث عن القراءة كالحديث عن العشق، والحديث عن الكتب كالحديث عن العشيقات، فكيف تصف مساحة شاسعة وفضاء لا ترى أوله ولا نهايته يقبع أمام عينك في جزء ضئيل». هذه الشخصية الرائعة التي تتحدث بتواضع الإنسانية كطبيب وهدوء وصبر الجراح المتمكن الذي يمارس مهنته بحب، وهوايته وقراءته وكتاباته بعشق هو امتزاج الطفولة والنشأة والتربية والتوجه والكثير من المكتبات التي تحملها ذاكرته، وزخم من الكتب العالقة في وجدانه كصور وأغلفة وألوان كما وصف كتاب الصحابة الذي تلقاه هدية من والدته (حفظها الله) كهدية قيمة كتعويذة رافقته مدى الحياة. ويمكنني تلخيص كل ما مضى بأن ما هو آت مع القراءة خير متاع العقل والحياة.