أسئلة مهمة يطرحها المراقبون وهم يتابعون المشهد الدراماتيكي الأفغاني؛ وإعادة تموضع حركة طالبان على الأرض وسيطرتها المتسارعة على مدن وأقاليم مهمة؛ في سيناريو مشابه لعام 1996؛ حيث سيطرت الحركة على كابل، مقارنة بالسيناريو الأسوأ لها عقب سقوط الحركة عام 2001 بعد أحداث سبتمبر وتقهقر مقاتليها وخوضها حرب شوارع ضد القوات الأمريكية والناتو والقوات الحكومية.. حركة طالبان عادت بقوة في أفغانستان مع شبه اكتمال الانسحاب الأمريكي من أفغانستان؛ وأصبحت الحركة منتشرة في غالبية الأقاليم وكما كان الحال في التسعينات. ومع تضاعف انتصاراتها العسكرية أصبح احتمال وصولها إلى كابل من جديد في غضون الأشهر القليلة القادمة بحسب خبراء ومحللين غربيين معنيين بتشعبات الملف الأفغاني. ومن الأسئلة المطروحة: من الذي يدعم طالبان ويراهن على سقوط حكومة أشرف غني؟ ولماذا السقوط السريع للمدن في أيدي طالبان؟ ليس من السهل الإجابة على هذين السؤالين كون الوضع الجيوستراتيجي الدولي والإقليمي يختلف تماما عن مرحلة ما بعد التسعينات وأحداث سبتمبر عام 2001.. لوجود حراك لإعادة توازنات القوة العسكرية والسياسية لدول جوار أفغانستان.. ولطالما اتهمت واشنطن وكابل إسلام أباد تحت مزاعم إيواء متطرفين أفغان منهم عناصر في طالبان، يعتقد أنهم مرتبطون بالمؤسسة العسكرية الباكستانية التي تسعى لاستخدامهم دروعا إقليمية لمواجهة عدوها الهندي.ومن أكثر ما يقلقهم موقف إسلام أباد من شبكة حقاني القوية، إحدى فصائل حركة طالبان الأفغانية بزعامة سراج الدين حقاني. إسلام أباد التي رفضت تماما منح قواعد عسكرية لواشنطن؛ تضع يدها على قلبها وتتوقع سيناريو مشابها لمرحلة سيطرة الاتحاد السوفييتي على أفغانستان وتدفق الملايين من اللاجئين إلى الباكستان؛ فضلا عن عودة التفجيرات الانتحارية والإرهاب وازدهار تجارة السلاح والمخدرات.. بينماتتلذذ الهند بمايجري كونه يصب في مصلحتها لزعزعة استقرار الباكستان ، فيما تشعر الصين بالاحتقان ويتوقع أن تنتهي عملية إجلاء جميع الجنود الأمريكيين المتواجدين في أفغانستان بحلول 11 سبتمبر القادم. ويتوقع المراقبون أن انهيار النظام الأفغاني مسألة وقت، خصوصا أنها تسيطر على نحو 60% من مساحة أفغانستان وبسطت سيطرتها منذ بداية السنة على 70 مقاطعة من بين المقاطعات ال370 المتواجدة في أفغانستان.. وبحسب الخبراء فإن السيناريو المرجح لسيطرة طالبان يتمثل في عزل المدن والسيطرة على جميع وسائل الاتصال التي تربط هذه المدن في ما بينها لكي تفلت من السيطرة الحكومية. وفي حال تمكنت طالبان من الاستيلاء على المدن الكبرى، فهذا يمكن أن يقود إلى انهيار الحكومة كليا ودخول طالبان في محادثات مع القوى السياسية من أجل الذهاب نحو مرحلة انتقالية، الأمر الذي سيسمح لها بالسيطرة على أكبر المدن والعاصمة كابول دون أية مواجهة عسكرية رغم أن طالبان تعتمد على جهاز عسكري قديم ومدرب على حرب الشوارع ولديه فرق قتالية قوية متخصصة في الهجمات الخاطفة وقادرة على أن تتقدم إلى الأمام بسرعة وتسيطر على المواقع المهمة إلى جانب أن تواجدها في جميع مناطق البلاد يمنحها قوة إضافية ويسمح لها بتنفيذ عدة هجمات عسكرية يصعب للجيش الأفغاني التصدي لها.في الجهة المقابلة، تبدو الحكومة الأفغانية ضعيفة عسكريا خصوصا أن قوات الجيش النظامي بدأت في التسليم لطالبان والانضمام لها وبالتالي أصبح جيشا أفغانيا هشا. وما زاد من ضعف الجيش الأفغاني هو فقدانه للدعم الأمريكي الذي كان يحظى به ما عدا وجود بعض مئات من الجنود الأمريكيين الذين يقومون أساسا بحماية السفارة الأمريكية. وفيما إذا قررت الحكومة التصدي لطالبان فإن ذلك سيقود إلى حرب أهلية جديدة.