تعود بداية علاقتي بالأستاذ محمد علي علوان إلى منتصف الثمانينيات الميلادية في مدينة الرياض حينما كان يعمل في الإعلام الداخلي في وزارة الإعلام، حيث كنت أزوره منذ بداية دراستي الجامعية بعد قراءتي لمجموعته القصصية (الخبر والصمت)، وخلال عمله في مجلة اليمامة، واستمرت العلاقة بالالتقاء في المقاهي والمناسبات الخاصة والعامة على مدى السنوات التالية حتى اليوم، ثم انتقلت بالترقية في عام 1423 إلى الإعلام الداخلي عندما كان هو مديرا عاما للمطبوعات ثم وكيلا مساعدا للإعلام الداخلي وعملت معه لبضع سنوات حتى تقاعد من عمله فانتقلت إلى الشؤون الثقافية في وزارة الإعلام. علوان من رواد كتابة القصة القصيرة في المملكة، وأحد الذين برعوا في كتابة الشكل الحديث منها، له قدرة عظيمة في نقل تفاصيل القرية وعوالمها وعلاقة الإنسان بها وسحرها وإبداعاتها وتفاصيلها الملهمة وفضاءاتها المختلفة، فنجده قد أمسك بتلابيب التفاصيل وأتقن استبطان ذوات أبطال قصصه، فكأنه يحمل الكاميرا مع قلمه، وعيا بأهمية الصورة وفضاءاتها إلى جانب جماليات لغته السردية المضمخة بعطور المكان وعنفوان الزمان وتناقضات الإنسان؛ فأصدر عدة مجموعات قصصية هي: (الخبز والصمت) قصص قصيرة. صدرت عن دار المريخ عام 1977 (1397ه) وهي أولى مجموعاته القصصية وقدم لها القاص الكبير يحيى حقي الذي أثنى عليها كثيراً وتنبأ له بمستقبل قصصي كبير. (الحكاية تبدأ هكذا) قصص قصيرة، صدرت عن دار العلوم في الرياض عام 1983 (1403ه) (دامسة) قصص قصيرة صدرت عن نادي أبها الأدبي عام 1998 (1419ه). (هاتف) مجموعة قصصية، صدرت عن نادي أبها الأدبي عام 2014. كما تميز بمقالاته الصحفية التي تتميز بشحنات عالية من السخرية النقدية خلال ملامسة هموم الوطن والمواطن، وقد جمع بعض مقالاته وأصدرها في كتاب: (لذاكرة الوطن) مجموعة مقالات متفرقة، صدر عام 1414ه. وكان آخر إصداراته مجموعة (طائر العِشا) الصادرة عام 2020. وحسب علمي أنه يعمل على كتابة روايته الأولى، ونتمنى رؤيتها قريبا. محمد علوان علم كبير في سماء الأدب والثقافة السعودية، وكاتب مخلص للقصة القصيرة، ومثقف شامل، وإعلامي موهوب، ومسؤول متميز ومؤثر، وإنسان نبيل ومبادر ومحب للجميع وقريب من الأجيال المختلفة وداعم للشباب منهم، ومتابع نهم لما ينشرونه من إصدارات، ويسأل عنهم وعن أخبارهم باستمرار. تحفل الذاكرة خلال الجلسات العديدة زمانا ومكانا بجمالياته الإنسانية ونقاشاته العميقة وردوده الساخرة وتعليقاته الحميمة وحضوره الباهر وسرعة بديهته وطرافته العجيبة وسعة صدره وسؤاله الدائم عن الآخرين ومتابعة أعمالهم والوقوف معهم عند الحاجة. ولعل المتابع لوسائل التواصل الحديثة ومنها (تويتر) يلاحظ حضوره الجميل في مواقفه وتغريداته وتعليقاته واختياراته التي يغلفها الحب للوطن والإنسان والإبداع أينما وكيفما كان. محمد علوان رجل علاقات واسعة ومتنوعة في مجالات الأدب والثقافة والإعلام والفنون سواء على مستوى الأغنية أو المسرح أو الدراما، والمجتمع، وفوق كل ذلك محب وعاشق كبير للوطن الغالي. ولعل تكريمه واجب على مؤسسات الثقافة العامة والخاصة بما يستحقه من تكريم وتقدير مادي ومعنوي، وإن كان قد تم تكريمه في عدة مناسبات، ولكن ذلك غير كافٍ لهذه القامة الوطنية المبدعة على مدى عدة عقود، وننتظر من وزارة الثقافة تكريمه وتكريم الرواد والمبدعين بشكل عام. والدعوة موصولة للباحثين لاكتشاف عوالمه الإبداعية وإعطائها حقها في تاريخ السرد والثقافة العربية السعودية، وتقديمها للأجيال الجديدة. أسأل الله أن يحفظه ويسبغ عليه نعماءه ويلبسه ثياب الصحة والعافية. شاعر ومستشار إعلامي وثقافي