أبها – علي فايع كُتَّابنا يربطون الكتابة الإبداعية بالرغبة أفكر في طبع مجموعتي الرابعة عبر ناد أدبي لم أقرأ للمحيميد.. وعبده خال كرّر نفسه يبدو أن القاص محمد علي علوان لا يحب الصخب والضوضاء، ولا يألف الأوساط التي لا تنتمي لعالمه بشكل كبير.. مؤخراً في ليلة تكريمه، كواحد من المميزين في ثقافة الوطن، في نادي أبها الأدبي، كان يبدو، إلى حدٍّ ما، غريباً بين أدباء كثيرين، يعرف بعضهم، ويجهل جلهم!. في زاوية قصية ظل علوان جالساً ينتظر، وبين أصابع يده اليمنى مسبحة يكرّ حباتها الواحدة تلو الآخرى.. كان كمن يقتنص اللحظات، كي يستنشق من هواء أبها ما يكفي ليعيده إلى ماضٍ بعيد كتب فيه قصصه المستوحاة من المكان. تطفلت عليه دون أن أقدّم له نفسي، بادرته بحوارٍ قصير كان يقطعه سلام العابرين ومصافحة العارفين. سألته عن مجموعاته القصصية الثلاث: لماذا لا يعيد طباعتها في مجموعة كاملة؟! كان جوابه صاعقاً، قال: لديّ مجموعة قصصية رابعة «رائحة الهيل» أبحث عمّن يطبعها!. قلت له: لدينا دور نشر وأندية أدبية كثيرة ترحّب بقاص كبير مثلك. قال: يبدو أنّ الأندية الأدبية خياري الأقرب، دور النشر لدينا تبحث عن رواية جنسية تسوّقها، القصة لم تعد اليوم مطلب الناشرين ولا بضاعتهم، ولو كان صاحب المجموعة قاصاً معروفاً!. أردت أن أخفِّف عنه درجة الإحباط الذاتي، سألته عن الساحة الثقافية.. عن كتّاب القصة والرواية؟! قال لي: مع الأسف، عبده خال كرَّر نفسه في روايته «ترمي بشرر».. وددت لو حذف من الرواية صفحات كثيرة، كي لا يترهّل عمله!. = سألته عن الكتّاب الشباب. قال:مع الأسف، الشباب يُقحمون الجنس في أعمالهم دون هدف.. ليتهم لا يكتبون إلا حين تلحّ عليهم الكتابة، مشكلة كُتَّابنا اليوم أنهم يربطون الكتابة الإبداعية بالرغبة، فمن يرغب في كتابة رواية يكتبها بشكل مباشر!. سألته: هل لدينا رواية نسائية؟! قال: فاجأتني أميمة الخميس بما تكتب من أعمال روائية جيدة، واستدرك: بدرية البشر أثّرت على كتابتها الإبداعية كتابة المقالة!. سألته عن الكتابة وعهده بها. قال: كنت أكتب زاوية في صحيفة «الرياض»، كتبت مقالة، وفوجئت أن مقالتي التي أرسلتها بعدها لم تنشر. =كتبت بعدها زاوية في صحيفة «الجزيرة»، كتبت مقالة… ظللت أرسل مقالاتي للصحيفة، لكنها لم تعد تنشر لي شيئاً. عدت بمحمد علي علوان صاحب المجموعات القصصية «الخبز والصمت»، التي قدّم لها يحيى حقي، و»هكذا تبدأ الحكاية»، و«دامسة»، إلى السّاحة الثقافية. سألته عن يوسف المحيميد. فقال: لم أقرأ له!. سألته عمن يستهويه في كتابة الرواية فأجاب: رجاء عالم. سألته عن الرقابة لدينا، وقد كان مسؤولاً فيها ذات يوم. قال: لدينا رقباء يعملون بعقلية موظفين!. ودّعت علوان على منبر نادي أبها الأدبي بعد أن وقف ليقول في ليلة تكريمه كلمة مقتضبة، لكنها كانت قصة أخرى من قصصه البديعة والفريدة، قال: كنت أتمنى أن يكون أبي حياً لأهديه هذا التكريم، لكنني أهدي هذا التكريم لأمي هيلة الشهراني!. ودّعته وفي أذني كلام الناقد والأكاديمي الدكتور حسن حجاب الحازمي حين قال عنه: عالم علوان القصصي عالم زاخر وعلى أساتذة الأدب في جامعة الملك خالد أن يوجّهوا طلاب الدراسات العليا في الجامعة إلى دراسة أدبه، فهي نصوص لا تعطيك نفسها من أول وهلة. ابتعدت عنه وأنا أسأل: هل يعقل ألا يجد قاص كبير، كمحمد علي علوان، دار نشر سعودية تطبع له مجموعته القصصية الرابعة؟!.