حين داهمتنا جائحة «كورونا» انقسم العالم إلى قسمين؛ أحدهما واجه الجائحة مواجهة البائس الذي سلم أمره لجلاده، إذ لم يستطع مواجهتها صحياً، إما لضعف الإمكانات أو أن البعض من تلك الدول لم تستطع السيطرة على التسارع الكبير في الإصابات والوفيات رغم وجود الكوادر والأدوات الطبية المتطورة، على سبيل المثال دول قارة أوروبا التي وصلت الإصابات والوفيات أعداداً مهولة، بل إن أحد مسؤولي تلك الدول ظهر على شاشات التلفزة معلناً استسلام بلده وعدم قدرتها على مواجهة «كورونا». أما القسم الثاني: فتأتي السعودية في مقدمتها، وهي من جعلتنا عنواناً للفخر والاعتزاز، إذ واجهت الجائحة بكل حزم وصرامة، وهنا لا أتحدث عن المنجزات الطبية أو الاحترازية التي ساهمت في تجاوز الأزمة. فمن رحم تلك الأزمة خرجنا بالعديد من المخرجات التي طبقتها الجهات المسؤولة، وغيرت من مجرى حياتنا، وطورت أسلوب تعايشنا مع أنظمة الدولة، فتطبيقات مثل «توكلنا» و«صحتي» اختصرت المسافات، وجمعت العديد من التعاملات الحكومية تحت سقفها الإلكتروني، ولن تجد دولاً متقدمة تنفذ مثل هذه التطبيقات سوى بلادنا. ولا أنسى المنجز العظيم لتطبيق «اعتمرنا»، الذي نظم عملية زيارة الحرمين الشريفين وحجز تصاريح أداء مناسك العمرة والصلوات والزيارة من خلال تطبيقي «اعتمرنا» و«توكلنا» لحجز جداول زمنية للزيارة، بما يتماشى مع الطاقة التشغيلية الممكنة بعد فتح المسجدين الحرام والنبوي أمام المصلين لأداء صلاة التراويح بإجراءات احترازية كاملة. وقد استبشرنا بالإجراءات الجديدة المتبعة في تنظيم موسم حج هذا العام، التي جاءت على مستوى عالٍ من التقنية بما يكفل بمشيئة الله أداء المناسك للحجاج بيسر وسهولة. هذا غيض من فيض مما قدمته الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين في مجابهة جائحة «كورونا»، وهناك الكثير من الجوانب الأخرى والتفاصيل في البذل والعطاء على المستويين المحلي والعالمي، التي لا يتسع المجال لذكرها، وتؤكد على دور المملكة الرائد في مواجهة فيروس «كوفيد-19»، وهو بلا شك مثال يحتذى في العالم أجمع. أخيراً.. تجربة مواجهة المملكة لجائحة (كورونا)، واحدة من المفاهيم السعودية المبتكرة في إدارة الأزمات، إذ قدمت للعالم أنموذجاً فريداً في تعاملها مع تداعيات الأزمة صحياً واجتماعياً واقتصادياً، في منظومة عمل حكومي وأهلي وتطوعي متوافق، للحفاظ على صحة الإنسان.