التقيته بعد المباراة في مقر النادي.. عمره تقريبا كعمري، وكان يعيش نفس نشوتي بالبطولة التي حققها فريقنا للتو، وكان يحدثني عن الفريق والكأس.. وانطلقنا في حديث عفوي وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن.. رن هاتفه، أجاب: بعد قليل أتواصل معك يا أنوار، الآن مشغول.. ردّدت في نفسي: أنوار..!! ربما زوجته..!! عاد بعد المكالمة.. ليكمل لي أخبار الفريق واللاعبين والمباريات والكأس.. ولكن لم أعد أصغي إلى ما يقول، فقط ثبّتَ عينيّ وملامحي معه، وانتشيت في ذكرى وخيال زمن قديم، ذلك الزمن الذي كنت فيه أهيم بأنوار.. تذكرت أنها قالت: إن الذي تقدم لها شخص طيب جدا، أتفحص ملامحه ويبدو طيباً جداً. وقالت: لو تمت الخطبة لن أتواصل معك مرة أخرى.. ولكني أفضلك أنت، هل ستتقدم لي.! أجبت -آنذاك- لست مؤهلا الآن للزواج.. فتزوجت ذلك الشخص الذي تقدم لها، وفقدتُ أعذب لحظات عمري. لم يبقَ لي منها غير صورتها، وقارورة عطر، ورسالة رقيقة بخط يدها، ثلاثة من أشيائها احتفظت بها سنين، انتشي بها كبطولة لفريقي.. أتأملها، أقبلها، أقارن أيهم أكثر جمالًا.. إيه يا أنوار، كنتِ أجمل لحظات عمري، كانت روحك اللذيذة وصوتك العذب هو بهجتي وسر سعادتي في ذلك الزمن الجاف الممل.. لا شعوريًا، سألته.! هل صوتها عذب؟ توقّف عن الحديث، نظر إليّ وسألني من.!! هززت رأسي، أأأ يا أخي أقصد الكرة التي اصطدمت في العارضة.! أجاب: لم أقل إنها اصطدمت بالعارضة، قلت: إنها مرّت من جوارها، مرت بسرعة فائقة، وصلت للمدرجات وخطفها أحد الجماهير. رنّ جواله مرة ثانية، أجاب طيب طيب، استأذن ورحل.. وبقيت، أتخيل شكل الكرة التي عبرت بسرعة الضوء وخطفها أحد الجماهير ورحل.