فيما تلاحق الأجهزة الأمنية مخالفي الاحترازات الصحية والتدابير الوقائية من فايروس كورونا المستجد، للحد من انتشار الجائحة عبر ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، كشف عضو كبار العلماء سابقاً الشيخ قيس المبارك ل«عكاظ» بأنه لا يجوز للإنسان أن يُعرَّض نفسه للهلاك، قال تعالى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ). وأضاف: لا شكَّ في أنَّ ترك التحرُّز من الأمراض المخطرة سببٌ مفضٍ إلى هلاك المرء، والأخطر أن يكون سبباً في نقل العدوى إلى الآخرين، خاصة المرضى وكبار السن، فالتعرض لمَواطن الإصابة، داخل في معنى الآية الكريمة. وأضاف أن الإمام الغزالي رحمه الله تعالى قال: «قد يظن الجهال أن شرط التوكل ترك الكسب، وترك التداوي، والاستسلام للمهلكات، وذلك خطأ، لأن ذلك حرام في الشرع». وقال الشاطبي: «المؤذيات والمؤلمات خلقها الله تعالى ابتلاء للعباد وتمحيصاً وسلطها عليهم كيف شاء ولما شاء، وفُهم من مجموع الشريعة الإذن في دفعها على الإطلاق، دفعاً للمشقة اللاحقة، وحفاظاً على الحظوظ التي أذن لهم فيها». وأوضح أن بعض الفقهاء ذكروا أن المريض إذا علم يقيناً بحصول الشفاء من التداوي، وذلك إذا حكم الأطباء بأن حالة المريض مُخطرة، وأن حاجته للدواء أصبحت أمراً ضرورياً، وأنها كحاجته للطعام والشراب، بحيث لو تركه الإنسان، فقد جعل نفسه معرّضة للهلاك، فإن إقدامه على التداوي يعتبر واجباً شرعياً يأثم بتركه، فقد نص الشافعية على ذلك، قال الإمام البَغَويُّ: (إذا عَلِمَ الشفاءَ في المداواة وجبتْ) وهذا الحافظ ابن العربي رحمه الله، يتحدث عن التداوي قبل نزول الداء، وأنه بمنزلة التداوي بعد نزوله، قال: (والذي عندي أنه إذا رأى المرض، أو خَشِيَ من نزولَه، أنه يجوز له قَطْعُ سببه بالتداوي، فإنَّ قَطْعَ السبب قطعٌ للمسبِّب). وإلى هذا الرأي أشار الإمام الشاطبي رحمه الله، حين ذكر أن الشارع قد أذن في دفع المشاق عند نزولها بالإنسان، قال: (... بل أذن في التَّحرُّزِ منها عند توقُّعها، وإن لم تقع). وفي الفتاوى الخانية وتجوز الحقنة للتداوي للمرأة وغيرها، وكذا الحقنة لأجل الهزال، لأن الهزالَ إذا فَحُشَ يفضي إلى السّل والهزال ليس داءً في جميع حالاته ليتداوى منه، ولكن جاز التداوي منه، لأنه يمنع حصول الداء المتوقع بسببه، وهو السل، وفي حكم السل غيره من الأمراض.