في انعكاس لتربية أسرية مترابطة مستقرة، تحمَّل مسؤولياته الفردية والمجتمعية تجاه ذويه ومحبيه ومرؤوسيه.. وفي محطات حياته العامة والخاصة؛ التقط منعطف الهدوء على طاولة التداول بحوارات شفافة نقية.. فلما رحل بقي شيء منه لم يمت؛ صوته الحي وروحه الخالدة ووعيه الإنساني.. وحتى حين تحين فطرة النسيان البشري لن تختفي معالم كلماته وهسهساته القيمية.. إنه الإعلامي مدير عام مؤسسة عسير للصحافة والنشر الراحل محمد كابلي. وفي مراحل حياته الدنيوية، لم يعش في جزر معزولة تفصله عن الناس فيافي وقِفار.. وعند حيويته الوجودية، متعدد الأبعاد، متراتب الطبقات، ومختلف السياسات.. وفي حضوره يتلمس مواطن الجمال وقراءة ما بين السطور الجميلة للبشر.. وفي تكالب الناس عليه، طُبع بأريحية ناهضة بمبدأ «الكل يحب الكل». مع نقاشاته الحياتية والعملية مع من حوله، لم يقف عند المفارقة للغة المألوفة، بل أعاد صياغة الجملة المفككة بجمال حرف وتركيب كلمة وتجربة لغة.. ومع أطروحاته الواقعية المبثوثة في المناسبات المجتمعية؛ وجد قبولاً متزايداً في صفوف متابعيه.. وعند المساحة الراقية مع أصدقائه ومحبيه، لم يُهمِّش أحداً ولم يتسلل إلى الملعب في الوقت الضائع. من يقرأ اهتمامه بالجيل وقربه من أفكارهم، سيدرك تنوعه في علاقة خبير بواعدين.. ولما تطابق فكره مع طموحات الشباب، تفاعل مع عطاءاتهم الإبداعية بحماسة.. وعندما منحهم مساحة أكبر للنقاش، أطرب المتلقِّي منهم بما يحمله من جودة سبك وحسن اختيار.. والأهم حدسيته المعرفية بكيفية تعاملهم مع «الميديا» الحديثة؛ الساخنة والباردة. وعند الارتباط بمهنة طوَّافة وأخلاقياتها؛ بدأ مسؤولياته الإعلامية والإعلانية من الصفر، فوصل إلى قمتها بجَلَد ومجهود ذاتي.. ومن تجربة قيادية حديثة هادئة، باتت إدارته مجالاً لإنتاج السلوك المعرفي الوظيفي.. وحين ابتعد عن عواصف الإقصاء، التزم بالحيادية المهنية والبحث عن الجديد.. ولما كان قيادياً كاريزمياً وإدارياً عادلاً، بث ثقافة العمل الجماعي وأشاع أخلاقيات المهنة. وحين عرف كيف يتعامل مع الفئات الأضعف، بكاه البسطاء والضعفاء عند وداعه الدنيا إلى الدار الآخرة.. ولما احتك بمجتمع الأعمال؛ شعر بمعاناة الطبقة الكادحة، فلم ينس أولئك من وجدانه وأحاديثه.. وعندما يلتقيه الناس فهو في انتظارهم كزهرة باسمة تقتسم المسافات.. وبالحب غردوا بأصوات الإعجاب لدماثته، مثل طير غنى لإشراقة فجر بهية.