بين مسقط رأسه مكةالمكرمة في بداية الستينات الميلادية، ووفاته (2020) محطات علمية وحكايات عملية.. وبين تخصص إدارة الأعمال من جامعة «فريندز» الأمريكية، وإدارة الجهات الإعلامية والإعلانية؛ هناك خطوات معلم هادئ نبيل.. ولما سرح في آفاق الإدارة الإعلامية قيادياً؛ نثر في فضاءاتها ثمار المعرفة.. إنه الراحل محمد عبدالرحيم كابلي. بدأ الإدارة الإعلامية والإعلانية من الصفر، فنجح في الوصول للقمة بمجهود ذاتي.. ومن تجربة قيادية حديثة هادئة؛ باتت إدارته مجالاً لإنتاج السلوك المعرفي الوظيفي.. وحين ابتعد عن عواصف الإقصاء؛ التزم بالجدية المهنية والبحث عن الجديد.. ولما أشاع أخلاقيات المهنة وبث ثقافة العمل الجماعي؛ كان القيادي المؤدب والإداري المهيب. ومن الارتباط بالإعلام وأخلاقياته والانتساب للمهنة؛ كان أحد أركان راديو وتلفزيون العرب، وركنا ركينا لقنوات «اقرأ» الفضائية، وقياديا رئيسيا بمؤسسة عسير للصحافة والنشر، ومع رجل حصيف قريب من أفكار الشباب؛ هناك مساحة أكبر للتنوع بين خبير وواعدين، بموضوعات نوقشت بجودة سبك وحسن اختيار، بصياغات أطربت المتلقي وطرحت موضوعات حساسة تستفيد منها الأجيال. حين عرف كيف يتعامل مع الفئات الأضعف؛ بكاه البسطاء الكادحون في وداعه الحياة إلى الدار الآخرة.. ولما احتك بمجتمع الأعمال؛ شعر بمعاناة الطبقة الكادحة، فلم ينس البسطاء من وجدانه وأحاديثه.. وعندما يلتقيه الناس فهو في انتظارهم كزهرة باسمة تقتسم المسافات.. وبالحب جعلهم يغردون دون ملل مثل طير في إشراقة فجر بهية. وعند حيويته الوجودية؛ متعدد الأبعاد متراتب الطبقات مختلف السياسات.. وفي حضوره يتلمس مواطن الجمال وقراءة ما بين سطور الوجوه البشرية.. وفي تكالب الناس عليه شفافية مجتمعية ناهضة وكأنه الكل يحب الكل.. وفي حقبة حياتية لم يعش في جزر معزولة تفصل بينه وبين الناس جزر معزولة تفصل بينها الفيافي والقِفار. في انعكاس لتربية أسرية مترابطة مستقرة؛ تحمل مسؤولياته الإدارية والمجتمعية تجاه مرؤوسيه وذويه وأهله.. ومع دراما الحياة العملية والإدارية؛ التقط منعطف الهدوء على طاولة التداول بهدف نقاء التحاور.. فلما رحل بقي شيء منه لم يمت؛ صوته الحي وروحه الخالدة ووعيه الإنساني، وحتى حين تأتي محنة النسيان البشري لن تختفي معالم كلماته وهسهساته الفطرية.