بين استنفار بشري واستثمار معرفي؛ تقلب في ردهات التجارب التربوية والفكرية والتجارية.. فمن حركة الإدارة التربوية؛ إلى بوح هادئ لتطوير استراتيجيات التعليم.. ومن فضاء الفصول الدراسية ومكاتب التعليم وكلياته معلماً وقيادياً؛ إلى مشاريع الاستثمار التجاري.. ومن الإبحار في مراكب التربية وسفن التعليم؛ إلى التأليف والصحافة بكتابات ثرة وثرية لعوالم التربية وحياة المجتمعات وتعقيدات السياسية وتحليلاتها.. ذلك هو الدكتور رشيد حويل البيضاني. في وسط الدنيا «مكة»؛ ولد ونشأ وتلقى تعليمه الأولي.. ومن كلية معلميها؛ تخصص في الدراسات الإسلامية والاجتماعية.. ومن عشق «اللغة العربية»؛ نال إجازتها من جامعة المؤسس.. ومن حب لنبض المجتمع «الشباب»؛ توجه لرسالة التعليم عقب الماجستير والدكتوراه.. ومن ارتباط بالجيل وتربيته؛ أُستقطِب خبيراً وعضواً في جهات علمية، ومستشاراً تربوياً. لما أراد إيجاد توازنات مترابطة داخل النسيج الاجتماعي؛ بنى علاقاته الإنسانية بين بهجة اللقاء بغصنه الذهبي ورغبة لتجسير هوة الاختلافات الفطرية.. وفي التقاطات منحازة عن المشهد النخبوي إلى الجماهيري؛ كسر دراما الصمت باستدعاء البسمة المطمئنة.. وكأنه يحرث الأرض ليفتش عن منهج قيمي تتحول فيه العلاقات بين الناس إلى نظام حياة يومي. وعندما يتحدث يكاد يشم رائحة حروفه وكأنها تتراقص أمامه، لتخرج بحلتها الأخيرة المقبولة لكل الناس.. وعند لقاء محبيه يتعالى لديه صوت «النخوة»، بلغة بيضاء تراهن على ذائقته الأريحية في لحظات ثراء قيمي.. وحين يخاطب قراءه يعيد للواجهة القيم المفقودة، وكأنه يقدم تجربة كتابية على طريقة التناص الأدبي. حين حارب مقيدي أفكار الشباب المعرفية؛ أراد صناعة جيل يمتلك الطموح والتصميم والتخطيط، ومنحه حقه في الابتكار والإنجاز.. ولما آمن أن «لا حياة بلا طموح»؛ عادى قتلة الطموح والتدمير والبيروقراطية.. وعندما منح الجيل درساً حياتياً بتحويل «الجهد» إلى «مهارة»؛ أراد القول إن قوة الإنتاج في الثقة بقدرات الشباب العقلية قبل البدنية. ومع المرأة وتعليمها والارتقاء بملكاتها الفكرية؛ فتح الآفاق المهنية لمستقبل الفتيات حين كان قيادياً بوزارة التعليم.. وعند إيجاد استراتيجية لجامعات سعودية دولية للعلوم التقنية والتكنولوجية؛ أمِل بطفرة نهضوية لجيل علمي يصارع أبناء دول العالم المتقدم.. ولتحقيق استقرار وجداني ومالي للفرد؛ دعا إلى استراحة قصيرة من التفكير لجمع المال وإنفاقه. من مسؤولية ثقافية مرسومة وتبادل علمي وأدبي وفني؛ أسس صالونه الأسبوعي لبناء حوار للأفكار بين المتخصصين علمياً وأدبياً ومجتمعياً.. وحين تحول إرثه الثقافي إلى أحاديث المتلقين ودعاة التنوير المعرفي؛ ساند صنَّاع الإبداع والابتكار لوجستياً.. وعندما باتت المهارة محركاً ثقافياً وفكرياً واجتماعياً؛ عرض الثقافة المعرفية في المنصات المحلية والعربية.