ما بين الاحتيال بالدولارات المزيفة، والشركات الوهمية، والوعود بالثراء والربح السريع تسجل بلاغات ضد المحتالين، وتتوالى تحذيرات وزارة الداخلية بين حين وآخر عن ظهور حالات نصب واحتيال جديدة ينفذها أفراد وعصابات. ويقع راغبو الثراء الحرام في حبائل النصابين الذين يتفننون في نسج الخطط للإيقاع بالبسطاء، وأحيانا غير البسطاء. ومن المحتالين من يعمد إلى نشر معلومات عن حيازته آلاف الدولارات، وبهذا المزعم يلقي المحتال شباكه على ضحيته عبر شبكة من الوسطاء، وتبدأ اللعبة الماكرة بعقد صفقات صغيرة كإحضار مبالغ بسيطة لا تتجاوز 10 آلاف ريال لشراء دولارات حقيقية أقل من سعر السوق المحلية، وهو ما يطلق عليه «الدنفرة»، ويطلب المحتال من الضحية صرفها من البنوك ليثبت أن المبالغ المعروضة صحيحة، ما يغري راغبي الثراء باللهف خلفه، فيما يعمل وسطاء في استجلاب ضحايا جدد. ويتلخص المسلسل المخادع في تسليم الضحية أوراقاً نقدية صحيحة ويتأكد من صحتها، وهي محاولة ماكرة تنتهي ببلع الطعم، ثم يطلب منه تحديد المبلغ المطلوب تغييره وتحديد مكان آمن للقاء لإنهاء الصفقة، وفي ساعة الصفر يحضر الضحية بأمواله وتنقض عليه العصابة بقوة السلاح لتسلبه حصيلة عمره. أوراق سوداء في الأسفل في سيناريو آخر يتسلم الضحية دولارات مزعومة يتم وضعها في حقيبة؛ أعلاها أوراق نقدية وأسفلها أوراق سوداء لا قيمة لها، وفي عمليات احتيال أخرى يعتمد الجناة على أحلام الثراء عبر إنشاء مواقع إلكترونية لشركات وهمية والترويج عبر منصات التواصل الاجتماعي لأوهام الاستثمار فيها ثم القيام بتحويلات لدول وحسابات خارجية ويتم استقطاب الضحايا وخداعهم. ومن أساليب الاحتيال أيضا أن يوهم النصابون الضحية بأن لديهم مبالغ مالية كبيرة تربو على 100 مليون دولار، ويرغبون في عقد شراكة مع رجال أعمال وتسليمهم المال مقابل إعطائهم مبالغ تصل إلى نصف مليون ريال يستخدمونها -على حد قولهم- كرشاوٍ للعاملين في سفارات بلدانهم ثم يعودون مرة أخرى إلى الشخص الذي زودهم بالمال، ويوهمونه بأن السفير الوهمي والعاملين معه رفضوا المبلغ المحدود ويرغبون في مبالغ أكبر مقابل إدخال الدولارات المليونية إلى البلاد. ولإيهام الضحية وإيقاعه في الفخ درج النصابون على استخدام هواتف ثريا والزعم أنهم يهاتفونه من لندن وباريس، وأن مندوبيهم في جدة يعملون على تمثيلهم، فيضطر رجل الأعمال اللاهث وراء ثراء أكبر لزيارة أفراد الشبكة رغبة في استثمار الدولارات، وفي ساعة الصفر ينقض رجل الأعمال صاحب الاستثمارات المليارية المزعومة على الضحية ويشارك مع آخرين في ربط وتقييد الضحية وسلب ما معه. سقوط نصابين في المدن والمناطق يستخدم الجُناة أساليب مختلفة تسهم في إقناع الضحية؛ منها استخدام السيارات الفارهة والهواتف الحديثة والسكن في فنادق 5 نجوم وفي الشقق الفندقية والاستعراض بالحاشية والخدم؛ ما يجعل الضحية يتصور أنه أمام شخصية أسطورية باذخة. ورصدت «عكاظ» عددا من الممارسات الاحتيالية التي تنفذها العصابات، كما رصدت ضبط الأجهزة الأمنية لبعضها، ومنها إعلان المتحدث باسم شرطة منطقة مكةالمكرمة عن تمكن الجهات الأمنية بشرطة محافظة جدة من القبض على مواطن ومقيم من الجنسية السودانية، بالعقدين الخامس والسابع من العمر، بعد ارتكابهما عمليات نصب واحتيال مالي، وذلك بإيهام ضحاياهما أنهما يمتلكان عملات أجنبية بأقل من قيمتها السوقية وبيعها عليهم، وضبط بحوزتهما 98 ربطة ورق لعملات مزيفة، وجرى إيقافهما واتخاذ جميع الإجراءات النظامية الأولية بحقهما، وإحالتهما إلى فرع النيابة العامة. كما ألقت شرطة المنطقة الشرقية القبض على 4 مقيمين سوريين لارتكابهم عدداً من جرائم النصب والاحتيال بعد ارتكابهم عدداً من جرائم النصب والاحتيال بذات النمط والسلوك الإجرامي، تمثلت في إنشاء مواقع إلكترونية لشركات وهمية والترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاستثمار فيها، في مناطق متفرقة من المملكة، والقيام بتحويلات لدول وحسابات خارجية، من خلال استخدام حساب بنكي لمواطنة (زوجة أحدهم) وبلغت قيمة المبالغ المالية التي تم جمعها عبر أساليبهم الاحتيالية 152 مليون ريال، وجرى إيقافهم واتُخذت بحقهم كافة الإجراءات النظامية الأولية، وإحالتهم إلى فرع النيابة العامة. كما أعلن المتحدث باسم شرطة المنطقة الشرقية القبض على مواطن، في العقد الخامس من العمر، بمحافظة الخبر، ارتكب جرائم نصب واحتيال، تمثلت في شراء هواتف ومصوغات ذهبية بعملات نقدية مزيفة، مستخدماً مركبة تحمل لوحات مزورة، وجرى إيقافه واتخذت بحقه الإجراءات النظامية الأولية كافة، وإحالته إلى فرع النيابة العامة. الاحتيال بالدولارات والتزييف سخر الخبير الأمني اللواء متقاعد مسعود العدواني من مزاعم من يدعون قدرتهم على جلب الثراء وتسويق الدولارات بأقل من سعرها الحقيقي في السوق، مضيفاً أن ذلك محض خداع وافتراء، وأن «الدنفرة» مسمى متعارف عليه بأسلوب احتيالي ورموز تستخدم بين أفراد العصابات التي تعمل على تزييف العملة الأجنبية من خلال إعدادها كيماويا بعد إحضارها على شكل أوراق فئة 100 دولار، وفي ربطات، وكل ربطة ب10000 دولار، وتباع هذه الدولارات المزيفة بعد إعدادها وتلوينها لخداع الضحايا والنصب عليهم. وحذر العدواني من الوقوع في فخ النصب والاحتيال من خلال ما يسمى الزئبق الأحمر أو غيره من الخزعبلات؛ التي أثبتت النتائج المخبرية أنها مزاعم لا أصل لها، أو دفع الأموال لأشخاص بحجة ممارسة العمل التجاري باسم شركات وهمية يديرها مخالفون. سجون وغرامات مليونية أكد المستشار القانوني المحامي أحمد المالكي أن عقوبة النصب والاحتيال في السعودية تنص على العقاب بالسجن مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبغرامة لا تزيد على مليوني ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو على سند، أو توقيع هذا السند وذلك عن طريق الاحتيال، أو اتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة. أما في حال اقترنت جرائم الاحتيال بجرائم غسل الأموال فيعاقب الجاني بجرائم غسل الأموال فيها بالسجن مدة لا تقل عن سنتين ولا تتجاوز 10 سنوات. كما يعاقب بغرامة لا تزيد على 5 ملايين ريال أو بالعقوبتين. وأخذ المنظم بعين الاعتبار الظروف المشددة في تغليظ العقوبة في 7 حالات حددتها إحدى المواد القانونية، منها ارتكابها من خلال جماعة إجرامية منظمة، واستغلال قاصر ومن في حكمه. وشدد المالكي على أن نظام مكافحة جرائم النصب والاحتيال وخيانة الأمانة نص على كل من تملك مالاً أو استولى عليه أو أتلفه أو بدده أو فرط فيه أو مكن غيره، أو استخدمه للحصول على منفعة له أو لغيره وكان هذا المال قد سلم إليه على سبيل الأمانة أو الوديعة أو الرهن أو الوكالة أو أي عقد من عقود الأمانة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 5 سنوات أو بغرامة مالية لا تزيد على مليون ريال أو بهما معاً.