جدد كبير علماء مكافحة الأمراض المُعدية الأمريكي الدكتور أنطوني فوتشي، الجدل حول جدوى ارتداء قناع الوجه (الكمامة) في كبح تفشي فايروس كورونا الجديد؛ بعدما قال إن ارتداء كمامتين في آنٍ معاً سيكون أكثر فعالية في منع العدوى. وقبل أن تتوسع حملات الانتقاد لتصريحه؛ أعلنت مديرة المراكز الأمريكية للحد من الأمراض ومكافحتها روشيل والنسكي تصريحاً، خلال الإيجاز الصحفي للبيت الأبيض الأربعاء الماضي، أنها تناشد الأمريكيين أن يرتدي كل منهم كمامة محكمة التثبيت، تتكون من طبقتين أو أكثر. وأوضحت والنسكي أن ارتداء الكمامة مهم جداً في ظل القلق من تفشي السلالات الفايروسية الجديدة. وقالت: القول النهائي هو أن الكمامات تؤدي دورها، وتؤديه حين تكون مثبّتة بشكل جيد، وحين يتم ارتداؤها بشكل صحيح. وكان الدكتور فوتشي قد ذكر أن من شأن ارتداء كمامتين، واحدة فوق الأخرى، أن يؤدي إلى إبطاء تفشي فايروس كورونا الجديد، أكثر من ارتداء كمامة وحيدة. وأشار إلى أن ذلك «من المحتمل» أن يوفر حماية أفضل من السلالات المتحورة، التي تشير الدراسات إلى أنها تستطيع جزئياً تفادي المناعة التي يوفرها اللقاح، أو الإصابة السابقة. وسارع علماء بريطانيون إلى التشكيك في مقولة الدكتور فوتشي، بدعوى أنها لا تستند إلى أدلة علمية قوية. وقال بعضهم إنه لا توجد دراسات كافية لتأكيد ذلك، وإن كان بعضهم أقرّ بأنها «تبدو فكرة جيدة». وقال علماء بريطانيون إنه على رغم قدرة أنواع محددة من الكمامات على منع تسلل قُطيْرات الفايروس المتناثرة، بسبب الكلام، أو السعال، أو العطس؛ إلا أن بعضها يتمكن من التسرب للجسم. كما أن الأشخاص الذين يمسون الكمامة بأيديهم أثناء ارتدائها يمكن أن ينقلوا العدوى إلى الآخرين. بيد أن علماء جامعة كاليفورنيا في سان فرانيسيكو أعلنوا أخيراً أن دراساتهم تؤكد أن ارتداء كمامة من قماش سميك فوق كمامة طبية قد يكون مثيلاً لاستخدام مصفاتيْ تنقية. كما أنه يساعد على تثبيت القناع على الوجه. وأضافوا أن ارتداء كمامتين يمكن أن يمنع تسرب 90% من الجُزيْئات المُعدية التي يستنشقها الإنسان. وزادوا أن القناع القماشي أو العادي بمفرده يستطيع أن يحجب 70% من تلك الجزيئات. لكن ذلك لا يداني الكمامة الطبية المعروفة ب N95، التي سميت كذلك لقدرتها على منع تسرب 95% من تلك الجُزَيْئات الفايروسية. وصنف علماء جامعة كاليفورنيا، بعد عرضهم لمجمل الدراسات التي أجريت بشأن استخدام الكمامات، أقنعة الوجه بأنها إما أن تكون «أساسية»، وإما أنها توفر «حماية قصوى». وذكروا أن الكمامة المصنوعة من طبقتين إذا تمت حياكتهما جيداً تعد «أساسية». لكن قوتها تكمن في ضرورة تثبيتها بشكل محكم على الوجه، بحيث لا تستطيع الجزيئات الفايروسية اقتحام القناع، أو الخروج منه. أما الكمامات الطبية فهي توفر تنقية أفضل، لكن مشكلتها تتمثل في أنها لا تثبت بشكل محكم حول الوجه. ولذلك فإن ارتداء كمامة قماشية فوق الكمامة الطبية يوفر أفضل حل ممكن لتوفير الحماية المنشودة. وكانت 14 ولاية أمريكية طبقت سياسات صارمة بوجوب ارتداء الكمامة. وبعد تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أصدر قراراً بإلزامية ارتداء قناع الوجه في جميع المباني الحكومية الفيديرالية، ووسائل النقل العمومي. استخدام «الكمامة».. ضرورة قال مُعدّ الدراسة التي بنت رئيسة المراكز الأمريكية للحد من الأمراض تصريحها على أساسها، الدكتور جون بروكس إن ارتداء الكمامة- أي كمامة- خير من عدم ارتدائها. وأضاف: هناك قدر هائل من البيانات يشير إلى أن ارتداء الكمامة يقلّص نشر العدوى، وفي المجتمعات التي تبنت ارتداءها بدأت الإصابات الجديدة تنحسر. وخلص إلى أنه على رغم نجاح حملات التطعيم في خفض تسارع تفشي الفايروس، إلا أن ظهور سلالات فايروسية جديدة قادرة على خداع نظام المناعة، أو مقاومة للأدوية؛ فإن من الضروري الاستمرار في الانصياع للإرشادات التي تحض على ارتداء الكمامة، والحفاظ على مسافة التباعد الجسدي. وهي خطوات لا تكلف شيئاً سوى اقتناع الفرد بأهميتها لضمان حمايته من الوباء الذي قتل حتى الآن أكثر من مليوني شخص حول العالم.