انتشر الضوء أكثر، يسقي عطش الكائنات للحياة، ثم تدفق عبر النافذة وأنا في السرير، إنه الصباح، وطعم قاتل الألم اللذيذ الساطع في دمي يظل يسري، يخفف من تعب الصدر المشروخ كلوح زجاج، الكون في الخارج يشهق بعمق، أتأمل روحي تتسلق وجهها الذي رغم كل مر، هناك من ينير عتمتي بالمسرات، بشر بيني وبينهم قمر يطلون على جبين السماء، فرأهم بعين القلب، غيرو من عتمة الموقف، كنت في أمس الحاجة لهم، كحاجة يد في طقس بارد لجيب تخلد فيه، كانت كل مكالمة وسؤال عني كقطعة سكر تتلاشى في الفم، تؤنس القلب، آه.. ما أجمل حب الناس، حباً رتب فوضاي وبعثر ترتيبي، حباً يجعلني أرمي عن كاهلي كل كائنات التلعثم، دهشة تتورد على فم القلب، ورعشة لذيذة تدغدغ بدني، هذا حب ينتصر على العطش في زمن يمنحك الجفاف دون أن يعي ما يحدث، هذا حب جعل أغصاناً خضراء تنبت في صدري من جديد محدثة تلك الطقطقة، وذلك الحفيف الذي يحدثه تلاشي الجفاف، ثمة أشياء في هذا العالم تعيننا أكثر من غيرها على الشفاء، خصوصاً في اللحظات التي يرشح فيها من أنامل قلبك رملاً يقتله العطش، أشياء تحدث مع أول الفرجة لجفني العين، وأنت تستقبل يومك، رسائل حب إلكترونية، كل رسالة كانت تداهمني، كمن يتأمل نجمة فاجأته وهي تتعربش على يده، كأن لديك حبيبة تمسك بيديها فيولد ذلك الألق وهو يتبختر في روحك، ليس هناك هدايا تفرح القلب مثل الكلمة الطيبة من محب، كلمة أو عبارة لها طعم ارتطام شمس بوجه ليل طويل، كان البعض يفصلهم عني بحار ماء، وبحار رمل كثيرة، لكنهم كانوا قريبين مني، كالمسافة بين شفتين تنطقان حرف الباء في كلمة (أحبك) لقد كان كل ما حدث لي استثنائيا، إحساس بطعم غريب نادراً وأنيقاً، له مذاق السقوط البطيء فوق غيمة تسري بك في المدى ولا تتوقف، إحساس جعلني أدرك أن الحب وحده هو القادر على أن يجعلنا لا نرى سوى المسرات، بينما تتوارى الهزائم كل الهزائم وراء الجبال، وهو الشيء الوحيد الذي يوثق مناعتنا ضد الإصابة، بدونه يصبح العالم فراغاً والإنسان رقماً من أرقام الخلائق لاغير، كان كلام ودعاء المحبين، يختطف الفرح ويدعه بين عنقي وياقة قلبي، يجعلني أغمض عيني تاركاً المتعة تعم كل حياتي، كلام بمثابة الموج المتلاحق الذي لا يمهلك استنشاق جرعة ماء وأنت تخوض غمار السباحة، كان هناك ندم يصفع وجهي، فلقد أضعت ردحا من الزمن أضنى على من أحببتهم قول كلمة (أحبك) اليوم ولدت للتو، سأصنع زمناً جديداً يليق بأحبابي، زمناً صالحاً للحياة، أتنسم فيه روح الحياة، فليس للحياة إلا بعداً واحداً هو الحياة، سأكون ذلك الإنسان الذي تشعه البروق، وذلك المطر الذي يبتكر الأغنيات إلى أن يذوب في البياض، وسأقول لكم بحجم الحب الذي بدأ لي كنيزك كوني، شق سماء روحي ومنحها الضوء.. أحبكم بحجم كل كلمة كنتم تنطقون بها ونمت بباطن كف قلبي إلى أن رحت أسمع حفيف الاخضرار في مكان قصي من روحي.. أحبكم لقد أقتلعتم الأشجار الميتة من قلبي بحبكم، وزرعتم عوضاً عنها أقدام راقصة تداعب الفرح على إيقاع جمال الحياة وبهائها.. لكم أحبكم..!! [email protected] كاتب سعودي